الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري ***
الجزء الثالث الْمُسَاقَاةُ دَفْعُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَالْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالرُّبُعِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَهَا الْمُعَامَلَةَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ (أَبُو حَنِيفَةَ الْمُسَاقَاةُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ مُشَاعًا بَاطِلَةٌ)؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِجُزْءٍ مِنْ الْمَعْمُولِ فِيهِ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ. قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هِيَ جَائِزَةٌ إذَا ذَكَرَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَمَّيَا جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ مُشَاعًا)؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ فَسُومِحَ فِي جَوَازِهَا لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ جَازَ وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ. قَوْلُهُ (وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ) الرِّطَابُ جَمْعُ رَطْبَةٍ كَالْقَصْعَةِ وَالْقِصَاعِ وَالْجَفْنَةِ وَالْجِفَانِ وَالْبُقُولُ غَيْرُ الرِّطَابِ فَالْبُقُولُ مِثْلُ الْكُرَّاثِ وَالْبَقْلِ وَالسَّلَقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالرِّطَابُ كَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (فَإِنْ دَفَعَ نَخْلًا فِيهِ ثَمَرَةٌ مُسَاقَاةً وَالثَّمَرَةُ تَزِيدُ بِالْعَمَلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ انْتَهَتْ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي وَالْإِدْرَاكِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَصَارَ كَالْمُزَارَعَةِ إذَا فَسَدَتْ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى مَا شُرِطَ لَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. قَوْلُهُ (وَتَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِالْمَوْتِ) أَمَّا مَوْتُ صَاحِبِ النَّخْلِ فَلِأَنَّ النَّخْلَ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا مَوْتُ الْعَامِلِ فَلِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ مِنْ جِهَتِهِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ النَّخْلِ وَالثَّمَرَةُ بُسْرٌ أَخْضَرُ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَقُومُ قَبْلَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُدْرَكَ، وَلَوْ كَرِهَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ بِالْوَرَثَةِ فَإِنْ رَضِيَ الْعَامِلُ بِالضَّرَرِ بِأَنْ قَالَ أَنَا آخُذُ نَصِيبِي بُسْرًا أَخْضَرُ فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إنْ شَاءُوا صَرَمُوهُ وَقَسَمُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَرْجِعُونَ بِمَا أَنْفَقُوا فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ صَاحِبُ النَّخْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَصْرِمُوهُ بُسْرًا كَانَ صَاحِبُ النَّخْلِ بَيْنَ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَإِنْ مَاتَا جَمِيعًا فَالْخِيَارُ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ فَإِنْ أَبَى وَرَثَةُ الْعَامِلِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ لِوَرَثَةِ صَاحِبِ النَّخْلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ وَهُوَ بُسْرٌ أَخْضَرُ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرَكَ لَكِنْ بِغَيْرِ أَجْرٍ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ هَا هُنَا وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ (وَتُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ كَمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ) وَمِنْ الْأَعْذَارِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ سَارِقًا يُخَافُ مِنْهُ سَرِقَةُ السَّعَفِ وَالثَّمَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَرَضُ الْعَامِلِ إذَا كَانَ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ فَإِنْ أَرَادَ الْعَامِلُ تَرْكَ الْعَمَلِ هَلْ يَكُونُ عُذْرًا فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا وَالثَّانِيَةُ نَعَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. النِّكَاحُ فِي اللُّغَةِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْوَطْءِ فَسُمِّيَ نِكَاحًا كَمَا سُمِّيَ الْكَأْسُ خَمْرًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ فِيهِ الْوَطْءُ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ لِأَنَّ الْأَمَةَ إذَا وَطِئَهَا الْأَبُ حُرِّمَتْ عَلَى الِابْنِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً} وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {لَعَنَ اللَّهُ نَاكِحَ الْبَهِيمَةِ} قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ (النِّكَاحُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَافْتَقَرَ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَعَقْدِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبُضْعَ عَلَى مِلْكِ الْمَرْأَةِ وَالْمَالُ يَثْبُتُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إيجَابٍ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهَا وَقَبُولٍ مِنْ الزَّوْجِ قَوْلُهُ (بِلَفْظَيْنِ) وَقَدْ يَنْعَقِدُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مِثْلُ ابْنِ الْعَمِّ يُزَوِّجُ ابْنَةَ عَمِّهِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ إنِّي تَزَوَّجْتُ بِهَذِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ وَلِيَّ صَغِيرَيْنِ أَوْ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَكَذَا إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ يَعْنِي الصَّغِيرَيْنِ قَوْلُهُ (يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي) أَيْ يُبَيَّنُ بِهِمَا وَالتَّعْبِيرُ هُوَ الْبَيَانُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} أَيْ تُبَيِّنُونَ قَوْلُهُ (أَوْ يُعَبَّرُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَالْآخَرِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ زَوِّجْنِي فَيَقُولُ قَدْ زَوَّجْتُك) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ اسْتِفْهَامٌ وَعِدَةٌ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقَعُ فِيهِ الْمُسَاوَمَةُ فَكَانَ الْقَصْدُ بِلَفْظِهِ الْإِيجَابَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاضِي وَقَوْلُهُ وَالْآخَرِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ يُرِيدُ بِالْمُسْتَقْبَلِ لَفْظَ الْأَمْرِ مِثْلُ زَوِّجْنِي. قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ) وَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ لَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَقَيَّدَ بِالْحُرِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا شَهَادَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَقَيَّدَ بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ بِدُونِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِسْلَامِ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِي النِّكَاحَ عَلَى ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا فِي مِثْلِهِ قَوْلُهُ (أَوْ رَجُلٍ أَوْ وَامْرَأَتَيْنِ). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْوَكَالَةِ قَوْلُهُ (عُدُولًا كَانُوا أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ) وَلَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا بِالْعُدُولِ حَتَّى لَوْ تَجَاحَدَا وَتَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا الْعُدُولُ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَهُ حُكْمَانِ: حُكْمُ الِانْعِقَادِ وَحُكْمُ الْإِظْهَارِ فَحُكْمُ الِانْعِقَادِ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ الْقَبُولَ لِنَفْسِهِ انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِحُضُورِهِ وَمَنْ لَا فَلَا فَعَلَى هَذَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْأَعْمَى وَالْأَخْرَسِ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَبِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ أَوْ ابْنَيْهَا وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَيْسَتْ بِوِلَايَةِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هِيَ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى، وَأَمَّا حُكْمُ الْإِظْهَارِ وَهُوَ عِنْدَ التَّجَاحُدِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الْعُدُولُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ وَمِنْ شَرْطِ الشَّهَادَةِ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ أَنْ يَسْمَعَ الشُّهُودُ كَلَامَهُمَا جَمِيعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّاهِدِينَ أَصَمَّ فَسَمِعَ الْآخَرُ ثُمَّ خَرَجَ وَأَسْمَعَ صَاحِبَهُ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا إذَا سَمِعَ الشَّاهِدَانِ كَلَامَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدِينَ وَلَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فَهْمُ الشَّاهِدِينَ الْعَقْدَ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْمُعْتَبَرُ السَّمَاعُ دُونَ الْفَهْمِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ أَعْجَمِيَّيْنِ جَازَ وَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ يُشْتَرَطُ الْفَهْمُ أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) يَعْنِي فِي حَقِّ الِانْعِقَادِ لَا فِي حَقِّ الْإِظْهَارِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ) فَإِنْ وَقَعَ التَّجَاحُدُ فِي النِّكَاحِ أَوْ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ جِنْسِهِ فَشَهِدَ ذِمِّيَّانِ وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي وَهِيَ تُنْكِرُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي قَوْلِهِمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا قَالَا كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَنَا مُسْلِمَانِ غَيْرَنَا تُقْبَلُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ دُونَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَقُولَا ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ هَذَا إذَا كَانَا وَقْتَ الْأَدَاءِ كَافِرَيْنِ أَمَّا إذَا كَانَا وَقْتَ التَّحَمُّلِ كَافِرَيْنِ وَوَقْتَ الْأَدَاءِ مُسْلِمَيْنِ فَعِنْدَهُمَا شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَا كَانَ عِنْدَنَا مُسْلِمَانِ غَيْرَنَا تُقْبَلُ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً فَلَهُ مَنْعُهَا عَنْ الْخُرُوجِ إلَى الْبَيْعِ وَالْكَنَائِسِ وَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ فَزَوَّجَهَا وَالْأَبُ حَاضِرُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ سِوَاهُمَا جَازَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْأَبَ يُجْعَلُ مُبَاشِرًا لِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا فَيَبْقَى الْمُزَوِّجُ شَاهِدًا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُخْتَلِفٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَبُ مُبَاشِرًا وَعَلَى هَذَا إذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ بِمَحْضَرِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً جَازَ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً تُجْعَلُ كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي بَاشَرَتْ الْعَقْدَ وَكَانَ الْأَبُ مَعَ ذَلِكَ الرَّجُلِ شَاهِدَيْنِ. قَوْلُهُ (وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهِ وَلَا بِجَدَّاتِهِ) صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ أُمَّهُ بِغَيْرِ بَاءٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {زَوَّجْنَاكَهَا} وَلَمْ يَقُلْ زَوَّجْنَاك بِهَا فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} قُلْنَا مُرَادُهُ قَرَنَّاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ؛ لِأَنَّ الْجَنَّةَ لَيْسَ فِيهَا عَقْدُ نِكَاحٍ قَوْلُهُ (وَلَا بِابْنَتِهِ وَلَا بِابْنَةِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَتْ وَلَا بِأُخْتِهِ وَلَا بِبَنَاتِ أَخِيهِ وَلَا بِبَنَاتِ أُخْتِهِ وَإِنْ سَفَلْنَ وَلَا بِعَمَّتِهِ وَلَا بِخَالَتِهِ) وَكَذَلِكَ عَمَّةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَخَالَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ حَرَامٌ وَإِنْ عَلَوْنَ وَالْحِكْمَةُ فِي تَحْرِيمِ هَؤُلَاءِ تَعْظِيمُ الْقَرَائِبِ وَصَوْنُهُنَّ عَنْ الِاسْتِخْفَافِ وَفِي الِافْتِرَاشِ اسْتِخْفَافٌ بِهِنَّ قَوْلُهُ (وَلَا بِأُمِّ امْرَأَتِهِ دَخَلَ بِابْنَتِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الدُّخُولِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إذَا تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا فَاسِدًا فَلَا تَحْرُمُ أُمُّهَا إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الدُّخُولُ أَوْ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ أَوْ اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ. قَوْلُهُ (وَلَا بِبِنْتِ امْرَأَتِهِ الَّتِي دَخَلَ بِأُمِّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَوْ حِجْرِ غَيْرِهِ) وَكَذَلِكَ بِنْتُ الرَّبِيبَةِ وَأَوْلَادُهَا وَإِنْ سَفَلْنَ؛ لِأَنَّ جَدَّتَهُنَّ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَحَرُمْنَ عَلَيْهِ كَأَوْلَادِهَا مِنْهُ وَصَارَتْ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ هِيَ وَأُمَّهَاتُهَا وَجَدَّاتُهَا وَإِنْ عَلَوْنَ وَأُمَّهَاتُ آبَائِهَا وَإِنْ عَلَوْنَ ثُمَّ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِالْأُمِّ حَلَّ لَهُ تَزْوِيجُ الْبِنْتِ فِي الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ الْحُكْمِيَّ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ قَوْلُهُ (وَلَا بِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَأَجْدَادِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ فَكُلُّ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا الْأَبُ عَقْدَ النِّكَاحِ جَائِزًا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الِابْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْوَطْءُ أَوْ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ أَوْ اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ سَوَاءٌ وَطِئَهَا الْأَبُ حَرَامًا أَوْ حَلَالًا؛ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ فِي تَحْرِيمِ مَنْكُوحَتِهِ وَمَوْطُوءَتِهِ وَمَنْ مَسَّهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ وَكَذَلِكَ نِسَاءُ أَجْدَادِهِ حَرَامٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَا بِامْرَأَةِ ابْنِهِ وَبَنِي أَوْلَادِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ فِي امْرَأَةِ الِابْنِ وَالْأَبِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَمَّا إذَا كَانَ فَاسِدًا يَجُوزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ ابْنُهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ النَّسَبِ، وَكَذَا امْرَأَةُ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ حَرَامٌ عَلَى الْأَبِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلِابْنِ أَمَةٌ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ مَا لَمْ يَطَأْهَا الِابْنُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَلِيلَةً وَالتَّحْرِيمُ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ} وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ رَبِيبَةَ أَبِيهِ وَأُمَّ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَكَذَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ حَلِيلَةِ ابْنِهِ وَبِنْتِهَا قَوْلُهُ (وَلَا بِأَمَةٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَا بِأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ) وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ وَبَنَاتُهَا وَأَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَخِيهِ وَبَنَاتُ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ}. قَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ) مَعْنَاهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ يَعْنِي عَقْدًا وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ يَعْنِي وَطْئًا أَمَّا فِي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ مَا شَاءَ وَسَوَاءٌ كَانَتَا أُخْتَيْنِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَةٍ لَهُ قَدْ وَطِئَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا يَطَأُ الْأَمَةَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ الْمَنْكُوحَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا وَلَا يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ إلَّا إذَا حَرَّمَ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ بِبَيْعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةً فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى أُخْتَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْمُشْتَرَاةِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ ثَبَتَ لِأُخْتِهَا بِنَفْسِ النِّكَاحِ فَلَوْ وَطِئَ الَّتِي اشْتَرَاهَا صَارَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا بِالْفِرَاشِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى تَزَوَّجَ أُخْتَهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْمَنْكُوحَةَ لِعَدَمِ الْجَمْعِ وَطْئًا إذْ الْمَرْقُوقَةُ لَيْسَتْ مَوْطُوءَةً حُكْمًا وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُسَمَّى ثُمَّ لَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُخْرَى وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ فَنِكَاحُ الْأُولَى جَائِزٌ وَنِكَاحُ الْأُخْرَى بَاطِلٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُسَمَّى وَلَا يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَطَأُ الْأُولَى مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ الْأُخْرَى، وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا أَوَّلًا فَإِنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ وَلَا وَجْهَ إلَى التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا إلَى التَّقْيِيدِ مَعَ التَّجْهِيلِ فَيَتَعَيَّنُ التَّفْرِيقُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي نِصْفَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلْأُولَى وَانْعَدَمَتْ الْأَوْلَوِيَّةُ فَيُصْرَفُ إلَيْهَا جَمِيعًا. قَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا خَالَتِهَا وَلَا بِنْتِ أُخْتِهَا وَلَا بِنْتِ أَخِيهَا) فَإِنْ قُلْتَ لِمَ قَالَ: وَلَا بِنْتِ أَخِيهَا وَقَدْ عُلِمَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا؟ قُلْت لِإِزَالَةِ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّ نِكَاحَ ابْنَةِ الْأَخِ عَلَى الْعَمَّةِ لَا يَجُوزُ وَنِكَاحُ الْعَمَّةِ عَلَيْهَا يَجُوزُ لِتَفْضِيلِ الْعَمَّةِ عَلَيْهَا كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى) سَوَاءٌ كَانَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ أَوْ بِالنَّسَبِ قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَابْنَةِ زَوْجٍ كَانَ لَهَا مِنْ قَبْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا رَضَاعَ. وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ابْنَةَ الزَّوْجِ لَوْ قَدَّرْتَهَا ذَكَرًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ قُلْنَا امْرَأَةُ الْأَبِ لَوْ صَوَّرْتهَا رَجُلًا جَازَ لَهُ تَزَوُّجُ هَذِهِ فَالشَّرْطُ أَنْ يُتَصَوَّرَ التَّحْرِيمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النِّكَاحِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، النَّسَبُ وَالسَّبَبُ وَالْجَمْعُ وَحَقُّ الْغَيْرِ وَالدِّينُ فَالنَّسَبُ الْأُمَّهَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالسَّبَبُ الرَّضَاعُ وَالصُّهُورِيَّةُ وَالْجَمْعُ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا وَالْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَالتَّحْرِيمُ لِحَقِّ الْغَيْرِ زَوْجَةُ غَيْرِهِ وَمُعْتَدَّتُهُ وَالتَّحْرِيمُ لِأَجْلِ الدِّينِ الْمَجُوسِيَّاتُ وَالْوَثَنِيَّاتُ سَوَاءٌ كَانَ بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ. قَوْلُهُ (وَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا)، وَكَذَا إذَا مَسَّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا وَكَذَا إذَا مَسَّتْهُ هِيَ بِشَهْوَةٍ وَالْمُشْتَهَاةُ أَنْ تَكُونَ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا، وَبِنْتُ خَمْسٍ فَمَا دُونَهَا لَا تَكُونُ مُشْتَهَاةً وَمَا فَوْقَهَا إلَى الثَّمَانِ إنْ كَانَتْ سَمِينَةً فَهِيَ مُشْتَهَاةٌ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الْعُيُونِ إنْ لَمْ تَكُنْ سَمِينَةً فَإِلَى عَشْرٍ وَإِنْ كَانَ يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَهِيَ مُشْتَهَاةٌ، وَيُكْتَفَى بِالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ أَحَدَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ انْتِشَارُ الْآلَةِ. وَفِي الْهِدَايَةِ يُشْتَرَطُ أَوْ يَزْدَادُ انْتِشَارًا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا فَهُوَ أَنْ يَتَحَرَّكَ قَلْبُهُ بِالِاشْتِهَاءِ وَإِنْ مَسَّهَا مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ إنْ كَانَ صَفِيقًا يَمْنَعُ وُصُولَ حَرَارَةِ بَدَنِهَا إلَى يَدِهِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَا يَمْنَعُ، ثَبَتَتْ وَأَمَّا مَسُّ شَعْرِهَا بِشَهْوَةٍ إنْ مَسَّ مَا اتَّصَلَ بِرَأْسِهَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ وَإِنْ مَسَّ الْمُسْتَرْسِلَ لَا تَثْبُتُ، وَإِنَّمَا يُحَرِّمُ الْمَسُّ إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَمَّا إذَا أَنْزَلَ بِاللَّمْسِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِنْزَالِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُفْضٍ إلَى الْوَطْءِ وَإِنْ مَسَّ امْرَأَةً وَقَالَ لَمْ أَشْتَهِ أَوْ قَبَّلَهَا وَقَالَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا كَانَ اللَّمْسُ عَلَى غَيْرِ الْفَرْجِ وَالْقُبْلَةُ فِي غَيْرِ الْفَمِ أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ. وَكَذَا إذَا نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا وَتَكَلَّمُوا فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ الشَّعْرِ يَكْفِي. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى الشَّقِّ. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ لِدَاخِلٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ النَّظَرُ إلَى دَاخِلِ الْفَرْجِ لَا إلَى جَوَانِبِهِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ اتِّكَائِهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ قَاعِدَةً مُسْتَوِيَةً أَوْ قَائِمَةً فَنَظَرَ إلَيْهِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ تَحْرِيكُ الْآلَةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْفَتَاوَى يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَإِنْ نَظَرَ إلَى دُبُرِهَا بِشَهْوَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَإِنْ نَظَرَتْ الْمَرْأَةُ إلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَتْهُ أَوْ قَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا لَوْ وُجِدَ مِنْهُ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ يُوجِبُ الْحُرْمَةُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَالنَّظَرِ مِنْ وَرَاءِ الزُّجَاجِ وَمِنْ وَرَاءِ السُّتْرَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ وَلَا عِبْرَةَ بِالنَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ؛ لِأَنَّهُ خَيَالٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرَاهَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى شَفَا الْحَوْضِ فَنَظَرَ فَرْجَهَا فِي الْمَاءِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ فِي الْمَاءِ فَرَأَى فَرْجَهَا وَهِيَ فِيهِ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ حَيَّةً، أَمَّا الْمَيِّتَةُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِلَمْسِهَا وَلَا بِوَطْئِهَا وَلَا بِتَقْبِيلِهَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا)، وَكَذَا كُلُّ مَنْ كَانَتْ فِي عِلَّةِ الْأُخْتِ كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهَا أَوْ أَرْبَعًا مِنْ الْأَجَانِبِ قَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ كِلَاهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ كِلَاهُمَا وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ نِكَاحُ الْأُخْتِ لَا يَجُوزُ وَنِكَاحُ الْأَرْبَعِ يَجُوزُ أَمَّا تَزَوُّجُ الْأَرْبَعِ سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ كَالْحُرَّةِ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ إذَا حَرَّمَتْ نِكَاحَ الْأُخْتِ حَرَّمَتْ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ وَلَنَا أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ يَجِبُ تَحْرِيمُهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ لَمْ تَجِبْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَحْرُمْ الْجَمْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَأُخْتُهَا تَحْتَهُ يَطَأهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا فِرَاشَ لَهَا، وَكَذَا أُخْتُ أُمِّ وَلَدِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِذَا جَازَ النِّكَاحُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَطَأَ الزَّوْجَةَ حَتَّى يُحَرِّمَ أَمَتَهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُعْتِقَهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا، وَكَذَا أُمُّ وَلَدِهِ يُعْتِقُهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا وَكَذَا لَا يَطَأُ الْأَمَةَ حَتَّى يُطَلِّقَ الزَّوْجَةَ وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَإِنْ تَزَوَّجَ حَامِلًا مِنْ الزِّنَا جَازَ عِنْدَهُمَا وَلَا يَطَأهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَإِنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ إلَيْنَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُهَاجِرَةً جَازَ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ حَائِلًا أَمَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِوَلَدٍ ثَابِتِ النَّسَبِ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَلَا امْرَأَةَ عَبْدِهَا) يُرِيدُ بِذَلِكَ فِي حَقِّ أَحْكَامٍ لَا زَوَاجٍ مِنْ ثُبُوتِ الْمَهْرِ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى وَبَقَاءِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا مُتَنَزِّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَهُوَ حَسَنٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ أَوْ مَحْلُوفًا بِعِتْقِهَا وَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ وَلَا سِيَّمَا إذَا تَدَاوَلَهَا الْأَيْدِي، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يَمْلِكُ مِنْهَا شِقْصًا وَلَا الْمَرْأَةُ أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ تَمْلِكْ شِقْصًا مِنْهُ، وَكَذَا إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ بَعْضَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ فَسَدَ النِّكَاحُ، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَسَدَ النِّكَاحُ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ وَالْمُدَبَّرُ إذَا اشْتَرَيَا زَوْجَتَيْهِمَا لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِهَا بِالْعَقْدِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْمِلْكِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُهَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يُدْخِلَ الْمَبِيعَ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّاتِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِتَابِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْحَرَائِرِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِمَاءِ وَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَيَجُوزُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْمَجُوسِيَّاتِ وَلَا الْوَثَنِيَّاتِ الْمَجُوسِ) قَوْمٌ يَعْبُدُونَ النَّارَ وَيَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ كِتَابِيَّةً فَتَمَجَّسَتْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً فَتَنَصَّرَتْ أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَتَهَوَّدَتْ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهَا وَلَوْ تَصَابَأَتْ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَفْسُدُ وَعِنْدَهُمَا يَفْسُدُ. قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الصَّابِئَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِدِينٍ وَيُقِرُّونَ بِكِتَابٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ) وَالصَّابِئُونَ قَوْمٌ عَدَلُوا عَنْ دَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ مِنْ صَبَا يَصْبُو إذَا خَرَجَ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ وَقِيلَ هُمْ قَوْمٌ يُؤْمِنُونَ بِإِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُعَظِّمُونَهُ وَقِيلَ: إنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِبْلَتُهُمْ مَهَبُّ الْجَنُوبِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَلَا كِتَابَ لَهُمْ لَمْ تَجُزْ مُنَاكَحَتُهُمْ)؛ لِأَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ. قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَا فِي حَالِ الْإِحْرَامِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَزْوِيجُ الْمُحْرِمِ وَلِيَّتَهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ زَوَّجَهَا جَازَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِمَوْلَاهَا فَإِنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا صِيَانَةً لِمَالِهِ وَإِذَا جَازَ النِّكَاحُ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِاحْتِمَالِ الشُّغْلِ بِمَاءِ الْمَوْلَى وَلَهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ بِجَوَازِ النِّكَاحِ أَمَارَةُ الْفَرَاغِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَا إذَا رَأَى امْرَأَةً تَزْنِي فَتَزَوَّجَهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. قَوْلُهُ (وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ - بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا وَلِيّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا). وَفِي الْهِدَايَةِ أَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِوَلِيٍّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ ثُمَّ إذَا انْعَقَدَ مَوْقُوفًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِجَازَةِ لَمْ يَجُزْ بِإِجَازَةِ الْحَاكِمِ بَلْ يُسْقِطُ الْحَاكِمُ وِلَايَةً لِوَلِيٍّ وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا عَقْدًا مُسْتَأْنَفًا وَبَطَلَ الْعَقْدُ الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ وَقَفَ عَلَى إجَازَةِ إنْسَانٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوقَفَ عَلَى إجَازَةِ غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْإِجَازَةِ أَجَازَهُ الْحَاكِمُ يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْوَلِيَّ أَوَّلًا بِالْإِجَازَةِ فَإِنْ أَبَى يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْعَضْلِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَ كُفْئًا وَرِثَهُ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرِثُهُ كُفْئًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَهِيَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا ظِهَارُهُ وَإِنْ وَطِئَ كَانَ وَطْؤُهُ حَرَامًا قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ فَعَقَدَتْ فَجَازَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ بِحَالٍ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الْبَالِغَةِ عَلَى النِّكَاحِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ إجْبَارُ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ قَوْلُهُ (وَإِذَا اسْتَأْذَنَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ فَذَلِكَ إذْنٌ مِنْهَا) وَقِيلَ إذَا ضَحِكَتْ كَالْمُسْتَهْزِئَةِ لَا يَكُونُ رِضًا. وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا اسْتَأْمَرَهَا غَيْرُ وَلِيّ أَوْ اسْتَأْمَرَهَا وَلِيٌّ وَهُنَاكَ أَوْلَى مِنْهُ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهَا رِضًا حَتَّى تَتَكَلَّمَ؛ لِأَنَّ هَذَا السُّكُوتَ لِقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَلَمْ يَكُنْ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْمِرُ رَسُولَ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْمَارِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ لَهَا الْمَعْرِفَةُ بِهِ لِتَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِيهِ يَعْنِي أَنَّ سُكُوتَهَا لَا يَكُونُ رِضًا إلَّا إذَا بَيَّنَ لَهَا مَنْ يَخْطُبُهَا فَسَكَتَتْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ رِضًا مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَالسُّكُوتُ لَا يَكُونُ رِضًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْمَارَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ لِلنِّكَاحِ صِحَّةً بِدُونِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ رِضًا بِدُونِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُزَوِّجَ إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا فَذَكَرَ الزَّوْجَ يَكْفِي وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَهُمَا فَتُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ أَيْضًا وَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَإِنْ بَكَتْ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ لَمْ يَكُنْ رِضًا؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ السُّخْطِ وَالْكَرَاهَةِ وَنَفْيِ الرِّضَا وَقِيلَ إنْ بَكَتْ بِلَا صَوْتٍ لَمْ يَكُنْ كَرَاهَةً وَإِنْ كَانَ مَعَ الصَّوْتِ فَهُوَ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ فَهُوَ حُزْنٌ عَلَى مُفَارَقَةِ أَبَوَيْهَا وَأَهْلِهَا وَذَلِكَ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الصَّوْتِ كَالْوَيْلِ وَالسُّخْطِ فَهُوَ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَكُونُ رِضًا وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الدُّمُوعُ عَذْبَةً فَهُوَ رِضًا، وَإِنْ كَانَتْ مَلْحَةً فَهُوَ كَرَاهَةٌ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ بَارِدَةً فَهُوَ مِنْ السُّرُورِ وَالرِّضَا وَإِنْ كَانَتْ حَارَّةً فَلَيْسَ بِرِضًا وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ لِلْبِكْرِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا فَقَالَتْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا وَإِنْ زَوَّجَهَا رَجُلًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا فَقَالَتْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ كَانَ هَذَا إجَازَةً، وَإِنْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا حَتَّى عَدَّ جَمَاعَةً فَسَكَتَتْ فَبِأَيِّهِمْ زَوَّجَهَا جَازَ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا بِأَيِّهِمْ زَوَّجَهَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَأْذَنَ الثَّيِّبَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا}؛ وَلِأَنَّ النُّطْقَ لَا يُعَدُّ عَيْبًا مِنْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ فِي حَقِّهَا بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّهُ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ حَيَائِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ مَارِسْ الْأَزْوَاجَ. قَوْلُهُ (وَإِذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ) أَيْ تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الْبِكْرُ فَيَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا، وَكَذَا إذَا زَالَتْ بِطَفْرَةٍ وَهُوَ الْوَثْبَةُ مِنْ تَحْتٍ إلَى فَوْقٍ وَالْوَثْبَةُ مِنْ فَوْقٍ إلَى تَحْتٍ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا حِينَ وَطِئَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا وَلِلْأَبِ أَنْ يَقْبِضَ مَهْرَ الْبِكْرِ بِغَيْرِ إذْنِهَا مَا لَمْ تَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مَهْرَ الثَّيِّبِ إلَّا بِإِذْنِهَا قَوْلُهُ (وَإِنْ زَالَتْ بِزِنًا فَهِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَيَعْنِي أَنَّهَا تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الْبِكْرُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الثَّيِّبُ وَلَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا، وَإِنْ زَالَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الثَّيِّبِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَظْهَرَ ذَلِكَ الْفِعْلَ عَلَيْهَا حِينَ أَلْزَمهَا الْعِدَّةَ وَالْمَهْرَ وَأَثْبَتَ النَّسَبَ بِذَلِكَ ثُمَّ الْخِلَافُ فِي زَوَالِهَا بِالزِّنَا إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَمْ يَصِرْ الزِّنَا عَادَةً لَهَا وَلَمْ تُشْتَهَرْ بِهِ أَمَّا إذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا إجْمَاعًا. قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ بَلَغَكِ النِّكَاحُ فَسَكَتِّ فَقَالَتْ - مُجِيبَةً لَهُ -: بَلْ رَدَدْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَ زُفَرُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى سُكُوتِهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِنْ أَقَامَاهَا جَمِيعًا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الرَّدَّ وَالْبَيِّنَةُ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا أَجَازَتْ حِينَ أُخْبِرَتْ وَأَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا رَدَّتْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الصُّورَةِ وَبَيِّنَتُهُ أَثْبَتَتْ اللُّزُومَ فَتَرَجَّحَتْ عَلَى بَيِّنَتِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ ثَمَّ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْعَدَمِ وَهُوَ السُّكُوتُ لَا عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ حَادِثٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا قَامَتْ عَلَى السُّكُوتِ وَهُوَ عَدَمُ الْكَلَامِ وَبَيِّنَتُهَا قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ وَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ. قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُسْتَحْلَفُ فِيهِ) قَالَ فِي الْكَنْزِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ: النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَالْفَيْءُ فِي الْإِيلَاءِ وَالرِّقُّ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ وَالْحُدُودُ وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ فِي جَمِيعِهِمَا إلَّا فِي الْحُدُودِ وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا نِكَاحًا أَوْ هِيَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَفِي الرَّجْعَةِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا أَوْ هِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَفِي الْإِيلَاءِ ادَّعَى عَلَيْهَا أَوْ هِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ أَنَّهُ فَاءَ إلَيْهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ، وَفِي الرِّقِّ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ وَفِي الْوَلَاءِ ادَّعَى عَلَى مَعْرُوفٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ هُوَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَفِي النَّسَبِ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ وَفِي الِاسْتِيلَادِ ادَّعَتْ أَمَةٌ عَلَى مَوْلَاهَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ أَوْ وَلَدًا قَدْ مَاتَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَوْلَى ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا فَالدَّعْوَى تُتَصَوَّرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ وَفِي جُحُودِ الْمَرْءِ الِاسْتِيلَاءُ فَقَيَّدَ بِجُحُودِهِ. قَوْلُهُ (وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّمْلِيكِ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ النِّكَاحَ عِنْدَنَا يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظَةٍ يَقَعُ بِهَا التَّمْلِيكُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَهَذَا احْتِرَازٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ هُوَ الصَّحِيحُ وَصُورَتُهُ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ بِعْتُ نَفْسِي مِنْك أَوْ قَالَ أَبُوهَا بِعْتُك ابْنَتِي بِكَذَا وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُك بِكَذَا فَأَجَابَتْ بِنَعَمْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ يَنْعَقِدُ قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةٍ وَالْإِبَاحَةِ)؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُؤَقَّتَةٌ وَذَلِكَ يُنَافِي النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ وَالْإِعَارَةُ وَالْإِحْلَالُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلْمِلْكِ قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ)؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَقَالَتْ قَبِلْتُ النِّكَاحَ وَلَا أَقْبَلُ الْمَهْرَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَصْلٌ وَالْمَالُ تَبَعٌ وَقَدْ قَبِلَتْ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِرَجُلٍ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ تَزَوَّجْتُكَ عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ فَقَالَ قَبِلْتُ لَا يَصِحُّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ رَضِيَتْ أَوْ أَجَزْت جَازَ وَلَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى نِصْفِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ زَوَّجْتُك نِصْفَ ابْنَتٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ مُمْتَنِعٌ إذْ الْحُرْمَةُ فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ تَغْلِبُ الْحِلَّ فِي هَذَا الْجُزْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ نِصْفُك طَالِقٌ حَيْثُ تَصِحُّ الْإِضَافَةُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ هُنَا كَانَ ثَابِتًا فِي كُلِّ الْأَجْزَاءِ فَلَمَّا أَوْقَعَ الْحُرْمَةَ فِي بَعْضِهَا وَقَعَ فِي الْكُلِّ احْتِيَاطًا لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ. قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ نِكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْوَلِيُّ بِكْرًا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ أَوْ ثَيِّبًا) وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ إلَّا الْأَبُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يُزَوِّجُهَا أَحَدٌ عِنْدَهُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ غَيْرُ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَعْقِدَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى وَمَرَّةً بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي التَّسْمِيَةِ نُقْصَانٌ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ أَنَّ صَغِيرَةً لَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الزَّوْجَ بِمَهْرِهَا دُونَ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ بِإِزَاءِ الِاحْتِبَاسِ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَهِيَ غَيْرُ مَحْبُوسَةٍ لِحَقِّهِ وَالْمَهْرُ بِإِزَاءِ الْمِلْكِ وَهُوَ ثَابِتٌ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ ابْنَتَهَا الصَّغِيرَةَ وَقَبَضَتْ مَهْرَهَا ثُمَّ أَدْرَكَتْ الصَّغِيرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ أُمَّهَا بِمَهْرِهَا دُونَ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى أُمِّهَا إنْ كَانَ الْمَهْرُ قَائِمًا، وَكَذَا هَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ. قَوْلُهُ (وَالْوَلِيُّ هُوَ الْعَصَبَةُ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْوِلَايَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَإِذَا اجْتَمَعَ وَلِيَّانِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا جَازَ سَوَاءٌ أَجَازَ الْآخَرُ أَوْ فَسَخَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْآخَرِ وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِتَزْوِيجِهِ أَيُّهُمَا كَانَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَوْلُهُ (فَإِنْ زَوَّجَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِكَمَالِ وِلَايَتِهِمَا وَوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا بَاشَرَاهُ بِرِضَاهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَوْلُهُ (وَإِنْ زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ إنْ شَاءَ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ) وَهَذَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا خِيَارَ لَهُمَا اعْتِبَارًا بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَهُمَا أَنَّ قَرَابَةَ الْأَخِ نَاقِصَةٌ بِدَلَالَةِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ، وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَتَنَاوَلُ الْأُمَّ وَالْقَاضِيَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي الْأُمِّ وَالشَّفَقَةِ فِي الْقَاضِي فَيَتَخَيَّرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِهِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْقَاضِي ثُمَّ بَلَغَا فَلَا خِيَارَ لَهُمَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُمَا الْخِيَارُ وَهُمَا يَقُولَانِ الْقَاضِي يَلِي عَلَيْهِمَا فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَأَشْبَهَ الْأَبَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ يَحْتَرِزُ مِنْ الْعَمِّ إذَا كَانَ وَصِيًّا وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ عَقْدُ الْحَاكِمِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ عَقْدِ الْعَمِّ. فَإِذَا ثَبَتَ لَهُمَا الْخِيَارُ بِوِلَايَةِ الْعَمِّ فَالْحَاكِمُ أَوْلَى ثُمَّ خِيَارُ الْبُلُوغِ عَلَى الْفَوْرِ فَمَتَى عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ عَنْ رَدِّهِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَلَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ وَقَدْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ فَلَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تَعْلَمَ فَتَسْكُتَ شَرْطَ الْعِلْمِ بِأَصْلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ إلَّا بِهِ وَالْوَلِيُّ يَنْفَرِدُ بِهِ فَعُذِرَتْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالدَّارُ دَارُ الْإِسْلَامِ فَلَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَتِهَا فَتُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَيُشْتَرَطُ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ يَعْنِي إذَا أَدْرَكَتْ الصَّغِيرَةُ وَبَلَغَهَا النِّكَاحُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رَضِيَ، وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبُلُوغِ اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ يَعْنِي أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا غَيْرَ أَنَّ السُّكُوتَ مِنْ الْبِكْرِ رِضًا بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِإِثْبَاتِ الْمَوْلَى وَهُوَ الْإِعْتَاقُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَجْلِسُ كَمَا فِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ ثُمَّ خِيَارُ الْعِتْقِ بِفَارِقِ خِيَارِ الْبُلُوغِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ يَقَعُ بِاخْتِيَارِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ وَلَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْجَهْلِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ ثُمَّ الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأُنْثَى وَلَا طَلَاقَ لَهَا، وَكَذَا خِيَارُ الْعِتْقِ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي مَلَكَهَا وَهُوَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَهُ الْآخَرُ، وَكَذَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ إذَا زَوَّجَ الْعَمُّ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ ثُمَّ بَلَغَا فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَسَكَتَتْ عَقِيبَ بُلُوغِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَإِنْ كَانَتْ وُطِئَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا إلَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الرِّضَا، وَكَذَا الْغُلَامُ أَمَّا الْبِكْرُ فَلِأَنَّ سُكُوتَهَا أُجْرِيَ مَجْرَى قَوْلِهَا قَدْ رَضِيَتْ وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَسُكُوتُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَوُقِفَ الرِّضَا عَلَى قَوْلِهَا أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ وَكَذَا الْغُلَامُ لَا يُسْتَدَلُّ بِسُكُوتِهِ عَلَى الرِّضَا فَمَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَفْعَلُ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ الرِّضَا لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ. وَفِي الْعُيُونِ قَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الصَّغِيرَةِ زَوَّجَهَا عَمُّهَا فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَحَاضَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ قَالَ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا مَا لَمْ يُجَامِعْهَا الزَّوْجُ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ مَكَثَتْ سَنَةً لَمْ يُجَامِعْهَا وَهِيَ فِي خِدْمَتِهِ قَالَ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا مَا لَمْ تَطْلُبْ النَّفَقَةَ. قَالَ الْخُجَنْدِيُّ الْخِيَارَاتُ ثَلَاثَةٌ: خِيَارُ الْإِدْرَاكِ وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ وَخِيَارُ الْمُخَيَّرَةِ فَخِيَارُ الْمُدْرِكَةِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِصَرِيحِ الْإِبْطَالِ أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إبْطَالِ الْخِيَارِ كَمَا إذَا اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ الِاخْتِيَارِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَعِلْمُ عَقْدِ النِّكَاحِ شَرْطٌ وَعِلْمُ الْخِيَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَمَّا خِيَارُ الْمُعْتَقَةِ لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَيَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَكَذَلِكَ هَذَا فِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ وَيَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَيَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْخِيَارِ ثُمَّ إذَا أَدْرَكَتْ الصَّغِيرَةُ وَاخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ، وَكَذَا الصَّغِيرُ إذَا اخْتَارَ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْفُصُولِ فُرْقَةٌ تَقَعُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ إلَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ (وَلَا وِلَايَةَ لِصَغِيرٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا مَجْنُونٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَلُوا عَنْ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ (وَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} وَلِهَذَا لَا يَتَوَارَثَانِ وَيَجُوزُ لِلْكَافِرِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْكَافِرَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وَلِهَذَا يَتَوَارَثَانِ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْعَصَبَاتِ مِنْ الْأَقَارِبِ التَّزْوِيجُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مُضْطَرِبٌ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ وَالْأُمُّ وَالْخَالُ وَكُلُّ ذِي رَحِمْ لِكُلِّهِمْ تَزْوِيجُ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَأَوْلَاهُمْ الْأُمُّ ثُمَّ الْجَدَّةُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ أَوْلَاهُمْ. وَفِي الْمُصَفَّى أَوْلَاهُمْ الْأُمُّ ثُمَّ الْبِنْتُ ثُمَّ بِنْتُ الِابْنِ ثُمَّ بِنْتُ الْبِنْتِ ثُمَّ بِنْتُ ابْنِ الِابْنِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْجَدُّ الْفَاسِدُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ النِّسَاءُ اللَّاتِي هُنَّ مِنْ قَوْمِ الْأَبِ وِلَايَتُهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ بِإِجْمَاعٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهِيَ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْعَمَّةُ وَبِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْعَمِّ وَأَمَّا الْأُمُّ وَالْخَالَةُ وَاَللَّاتِي هُنَّ مِنْ قَوْمِ الْأُمِّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُمْ الْوِلَايَةُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ وَأَبُو يُوسُفَ قِيلَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ (وَمَنْ لَا وَلِي لَهَا إذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا الَّذِي أَعْتَقَهَا جَازَ) أَيْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ الْعَصَبَةِ زَوَّجَهَا مَوْلَى الْعَتَاقَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ آخِرُ الْعَصَبَاتِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً جَازَ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ خِلَافًا لِزُفَرَ) وَالْأَصْلُ أَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَبْعَدَ أَوْلَى مِنْ السُّلْطَانِ حَتَّى لَوْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ مَعَ حُضُورِهِ لَمْ يَجُزْ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ السُّلْطَانُ أَوْلَى مِنْهُ وَقَوْلُهُ جَازَ لِلْأَبْعَدِ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَ إلَّا الْأَمَةَ إذَا غَابَ مَوْلَاهَا لَيْسَ لِلْأَقَارِبِ تَزْوِيجُهَا وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ وَلَوْ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ لَهُ قَوْلُهُ (وَالْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ الْقَوَافِلُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً) هَذَا اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ. وَفِي الْمُصَفَّى وَالْفَتَاوَى الْكُبْرَى قَدَّرُوهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى وَقِيلَ إذَا كَانَ بِحَالٍ يَفُوتُ الْكُفْءَ بِاسْتِطْلَاعِ رَأْيِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ وَعَلَيْهِ فَتْوَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ زُفَرُ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ فَهِيَ غَيْبَةٌ مُنْقَطِعَةٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ السَّعْدِيُّ إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ سَيَّاحًا لَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ أَوْ مَفْقُودًا لَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ أَوْ مُسْتَخْفِيًا فِي بَلَدٍ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِبِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَإِذَا اجْتَمَعَ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ فَالْجَدُّ أَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ أَوْ مِنْ أَبٍ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُزَوِّجَ وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ أَبُو الْأَبِ. قَوْلُهُ (وَالْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى تُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِمْرَارُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ كُفْءٌ ثُمَّ صَارَ فَاجِرًا لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ ثُمَّ الْكَفَاءَةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِحَقِّ النِّسَاءِ لَا لِحَقِّ الرِّجَالِ فَإِنَّ الشَّرِيفَ إذَا تَزَوَّجَ وَضِيعَةً دَنِيئَةً لَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفْرِشٌ لَا مُسْتَفْرَشٌ وَالْحَسِيبُ كُفْءٌ لِلنَّسِيبِ حَتَّى إنَّ الْفَقِيهَ يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَلَوِيِّ؛ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ فَوْقَ شَرَفِ النَّسَبِ حَتَّى إنَّ الْعَالِمَ الْعَجَمِيَّ كُفْءٌ لِلْعَرَبِيِّ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمُ الْفَقِيرُ كُفْءٌ لِلْغَنِيِّ الْجَاهِلِ وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي الْعَقْلِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا. وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْعَقْلِ حَتَّى إنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فَلَهُمْ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِضَرَرِ الْعَارِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ لَا كَابْنِ الْعَمِّ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَسُكُوتُ الْوَلِيِّ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّفْرِيقِ لَا يُبْطِلُ حَقَّهُ فِي الْفَسْخِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ حَتَّى تَلِدَ فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ أَنْ يُفَرِّقُوا كَيْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ عَمَّنْ يُرَبِّيهِ وَمَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَحُكْمُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْمِيرَاثِ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا وَالْفُرْقَةُ تَكُونُ فَسْخًا لَا طَلَاقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً لَزِمَهُ كُلُّ الْمُسَمَّى وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَوْ أَنَّهَا لَمَّا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ جَهَّزَهَا الْوَلِيُّ وَقَبَضَ مَهْرَهَا كَانَ رَاضِيًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَقْرِيرٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ ثُمَّ فَارَقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْأَوَّلِ لَا يَكُونُ رِضًا بِالثَّانِي وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ بِرِضَاهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْوَلِيِّ وَلَا لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ حَقُّ الْفَسْخِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْكَفَاءَةِ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَرْضَ. قَوْلُهُ (وَالْكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ وَالْمَالِ) أَمَّا النَّسَبُ فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ وَلَيْسَتْ الْعَرَبُ أَكْفَاءٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَخَرُوا بِقُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عِبْرَةَ لِفَضْلِ الْبَعْضِ مِنْهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى إنَّ الْهَاشِمِيَّةَ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ قُرَشِيٍّ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ، وَكَذَا سَائِرُ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ وَبَنَوْا بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءٍ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعْرَفُونَ بِالْخَسَاسَةِ قِيلَ: إنَّهُمْ يَسْتَخْرِجُونَ النِّقْيَ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَيَأْكُلُونَهُ قَالَ الشَّاعِرُ إذَا قِيلَ لِلْكَلْبِ يَا بَاهِلِيُّ عَوَى الْكَلْبُ مِنْ لُؤْمِ هَذَا النَّسَبِ وَأَمَّا الْمَوَالِي فَبَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ سَوَاءٌ كَانُوا مَوَالِيَ قُرَيْشٍ أَوْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فَخَرَتْ بِهِ قُرَيْشٌ لَيْسَ هُوَ فِي مَوَالِيهِمْ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَوَالِيَ الْعَرَبِ أَكْفَاءٌ لِمَوَالِي قُرَيْشٍ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ مَوَالِي أَشْرَفِ الْقَوْمِ لَا يُسَاوِيهِ مَوَالِي الْوَضِيعِ حَتَّى إنَّ مَوْلَاةَ بَنِي هَاشِمٍ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ مَوَالِي الْعَرَبِ كَانَ لِمَوَالِيهَا التَّعَرُّضُ ثُمَّ الْمَوَالِي مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَصَاعِدًا فَهُوَ كُفْءٌ لِمَنْ لَهُ آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ. وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ النَّسَبِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَأَبُو يُوسُفَ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِالْمَثْنَى وَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ التَّفَاخُرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْعَرَبُ فَمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ فَخْرَهُمْ بِالنَّسَبِ لَا بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْعَجَمِ وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ يَعْنِي الدِّيَانَةَ فَيُعْتَبَرُ أَيْضًا عِنْدَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ إلَّا إذَا كَانَ يُصْفَعُ وَيُسْخَرُ مِنْهُ أَوْ يَخْرُجُ إلَى الْأَسْوَاقِ سَكْرَانَ وَتَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ قَوْلُهُ (وَتُعْتَبَرُ فِي الْمَالِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهَا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَمْلِكْهُمَا أَوْ يَمْلِكْ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ كُفْئًا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيفَائِهِ وَبِالنَّفَقَةِ قِوَامُ الِازْدِوَاجِ وَدَوَامُهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ دُونَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَجْرِي الْمُسَاهَلَةُ فِي الْمُهُورِ وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي الْغِنَى فَمُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى أَنَّ الْفَائِقَةَ فِي الْيَسَارِ لَا يُكَافِئُهَا الْقَادِرُ عَلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاخَرُونَ بِالْغِنَى وَيَتَعَيَّرُونَ بِالْفَقْرِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لَهُ إذَا الْمَالُ غَادٍ وَرَائِحٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ مَذْمُومٌ فِي الْأَصْلِ. قَوْلُهُ (وَتُعْتَبَرُ فِي الصَّنَائِعِ أَيْضًا) وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ حَتَّى أَنَّ الْبَيْطَارَ يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَطَّارِ وَفِي رِوَايَةٍ هُمْ أَكْفَاءٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إلَّا الْحَائِكَ وَالْحَجَّامَ وَالدَّبَّاغَ وَالْكَنَّاسَ وَالْحَلَّاقَ فَإِنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ أَكْفَاءً لِسَائِرِ الْحِرَفِ وَيَكُونُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءً لِبَعْضٍ. قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَنَقَصَتْ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُتِمَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ يُفَارِقَهَا). وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَذَا الْوَضْعُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ رَجَعَ مُحَمَّدٌ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى مُحَمَّدٍ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَتْ لَهُ لِي وَلِيّ لَا يُزَوِّجُنِي إلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ مِنِّي مَالًا كَثِيرًا فَقَالَ لَهَا مُحَمَّدٌ: اذْهَبِي فَزَوِّجِي نَفْسَكِ وَصُورَتُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الْوَلِيُّ فِي التَّزْوِيجِ وَلَمْ يُسَمِّ مَهْرًا فَعَقَدَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالثَّانِيَةِ أَنَّ السُّلْطَان إذَا أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ وَوَلِيَّهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ ثُمَّ إنَّهُ إذَا زَالَ الْإِكْرَاهُ وَرَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ الْمَهْرِ دُونَ الْوَلِيِّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ الْفَسْخُ لِأَجْلِ التَّبْلِيغِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ (أَوْ يُفَارِقَهَا) وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي وَمَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ فَحُكْمُ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْمِيرَاثِ قَائِمٌ ثُمَّ إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا. قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَزَادَ فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا) وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ الْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ لَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا أَصْلًا وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا أَصْلُ النِّكَاحِ فَيَجُوزُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ سَوَاءٌ اخْتِيَارُ الْأَبِ مَجَانَةً أَوْ فِسْقًا أَمَّا إذَا عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَاَلَّذِي يُتَغَابَنُ فِيهِ فِي النِّكَاحِ مَا دُونَ نِصْفِ الْمَهْرِ كَذَا أَفَادَ شَيْخُنَا مُوَفَّقُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقِيلَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ مَنْ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ فَزَوَّجَهُمَا الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ عَبْدًا أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَمَةً جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ) يَعْنِي إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ إجْمَاعًا قَالَ فِي النَّوَادِرِ إذَا زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَعْقِدَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى وَمَرَّةً بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي التَّسْمِيَةِ نُقْصَانٌ فَلَا يَصِحُّ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إذَا سَمَّى فِيهِ مَهْرًا وَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ مَهْرًا)، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَقَدْ قَالُوا: إنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ مُنْعَقِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الزَّوْجُ أُخْتَهُ أَوْ أُمَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْأُخْرَى فَعِنْدَنَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ وَأَمَّا نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ فَهُوَ الْخَالِي عَنْ الْمَهْرِ، وَهُوَ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ أَوْ يَتَزَوَّجَ بِرَقَبَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِرَقَبَتِهِ مَلَكَتْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ بِلَا مَهْرٍ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ نِكَاحٌ الشِّغَارِ. قَوْلُهُ (وَأَقَلُّ الْمَهْرِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ) أَوْ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَالْمُعْتَبَرُ زِنَةُ سَبْعَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ زِنَةُ كُلِّ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةَ عَشْرَ قِيرَاطًا قَوْلُهُ (فَإِنْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ فَلَهَا عَشْرَةٌ). وَقَالَ زُفَرُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا خَمْسَةٌ وَعِنْدَ زُفَرَ يَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ كَمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَلَهَا الثَّوْبُ لَا غَيْرُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ يُسَاوِي ثَمَانِيَةً فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي عَشْرَةً فَلَهَا الثَّوْبُ وَدِرْهَمَانِ قَوْلُهُ (وَإِنْ سَمَّى عَشْرَةً فَمَا زَادَ فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا)، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فَلَهَا الْمُسَمَّى أَيْضًا، وَكَذَا إذَا قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهَا نَفْسَهَا كَمَوْتِهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَسْقُطُ مَهْرُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَقَتَلَتْ نَفْسَهَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ قَتَلَهَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهَا عَلَى نَفْسِهَا هَدَرٌ كَمَوْتِهَا وَإِنْ قَتَلَهَا مَوْلَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ مَهْرُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى بَالِغًا عَاقِلًا أَمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يَسْقُطُ إجْمَاعًا وَإِنْ قَتَلَ الْمَوْلَى زَوْجَهَا لَا يَسْقُطُ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ السَّيِّدِ فَقَوْله يَسْقُطُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُوضٍ فَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَدَّهُ عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَالْخَلْوَةِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى) فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ مَا سَمَّى وَتَمَامُ خَمْسَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي نِصْفِ الْمُسَمَّى فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الطَّلَاقَ يُسْقِطُ نِصْفَ الْمَهْرِ وَيُبْقِي نِصْفَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُسْقِطُ جَمِيعَهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ نِصْفُهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُتْعَةِ وَصَحَّحَ هَذَا فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ وَفَائِدَتُهُ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَهَنَهَا بِهَا رَهْنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَهَا إمْسَاكُ الرَّهْنِ وَعَلَى الثَّانِي لَا. وَفِي الْمُصَفَّى إذَا رَهَنَهَا بِالْمُسَمَّى وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهُوَ رَهْنٌ بِالنِّصْفِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ نَخْلٍ فَحَدَثَ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً حَادِثَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَزَوَالِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَ أَوْ مُنْفَصِلَةً حَادِثَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَكَانَ ذَلِكَ الْحُدُوثُ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ الْمَرْأَةُ الْأَصْلَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ يَتَنَصَّفَانِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَتَنَصَّفُ وَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ كِلَاهُمَا يَتَنَصَّفَانِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ صَارَتْ الْمَرْأَةُ قَابِضَةً بِذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ حَكَمَ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا إذَا قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ الْأَصْلَ وَحَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِهَا إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ كَالسِّمَنِ وَزَوَالِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ امْتَنَعَ التَّنْصِيفُ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ سَلَّمَهُ إلَيْهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَمْتَنِعُ التَّنْصِيفُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ امْتَنَعَ التَّنْصِيفُ إجْمَاعًا وَكَانَ الْأَصْلُ وَلِزِيَادَةٍ لَهَا وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ سَلَّمَهُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إجْمَاعًا وَالْأَصْلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إجْمَاعًا أَيْضًا. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا)، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ هِيَ قَوْلُهُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا) وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ ثُمَّ إذَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا إشَارَة إلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ وَالْفَرْقُ أَنَّ دُخُولَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ فَلَا يُمْلَكُ إلَّا بِعِوَضٍ وَخُرُوجُهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهَا مِثْلُ وَزْنِهِ خَلًّا وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ قِيمَتُهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا فَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْخَلِّ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْبَاقِي مِنْهُمَا إذَا سَاوَى عَشْرَةً دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْبَاقِي وَقِيمَةُ الْآخَرِ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الدَّنَّيْنِ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا أَحَدُهُمَا خَمْرٌ فَلَهَا الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهَا الْبَاقِي وَمِثْلُ ذَلِكَ الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الشَّاةِ الْمَسْلُوخَةِ فَإِذَا هِيَ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ مَتْرُوكَةُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَوْ مَيْتَةٌ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا قِيمَتُهَا لَوْ كَانَتْ ذَكِيَّةً وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْلُوخَتَيْنِ فَإِذَا إحْدَاهُمَا مَيْتَةٌ فَعِنْدَهُمَا الْبَاقِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهَا الْبَاقِي، وَقِيمَةُ الْأُخْرَى وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْحُرِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْمَيْتَةِ فَإِذَا هِيَ ذَكِيَّةٌ فَلَهَا ذَلِكَ إجْمَاعًا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ دُونَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مَالٌ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَلَالِ مِنْهُمَا وَالْمُشَارُ إلَيْهِ حَلَالٌ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَمْرِ فَإِذَا هُوَ خَلٌّ فَلَهَا ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَلَالِ مِنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى تَسْمِيَةِ مَهْرٍ فَهُوَ لَهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا)، وَكَذَا إذَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَامَ مَقَامَ فَرْضِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا نِصْفُ الْفَرِيضَةِ قَوْلُهُ (وَإِنْ زَادَهَا فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ) يَعْنِي إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّيَادَةِ. وَقَالَ زُفَرُ هِيَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ إنْ قَبَضَتْهَا صَحَّتْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهَا لَمْ تَصِحَّ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} وَقَدْ تَرَاضَيَا بِالزِّيَادَةِ وَإِذَا صَحَّتْ الزِّيَادَةُ تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَتَنَصَّفُ مَعَ الْأَصْلِ قَوْلُهُ (وَإِنْ حَطَّتْ عَنْهُ مِنْ مَهْرِهَا صَحَّ الْحَطُّ)؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا وَالْحَطُّ يُلَاقِي حَقَّهَا وَكَذَا إذَا وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهَا أَبٍ وَلَا غَيْرِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا وَهَبَتْ مِلْكَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَقَصُرَتْ عَنْ مَهْرِهَا فَإِنَّ لَهُمْ الِاعْتِرَاضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْأَمْهَارَ مِنْ حَقِّهِمْ وَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّهَا تُلْحِقُ بِهِمْ الشَّيْنَ بِذَلِكَ وَيَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَهَبَ صَدَاقَ أَمَتِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ مَهْرَ مُكَاتَبَتِهِ وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا خَلَا الزَّوْجُ بِامْرَأَتِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا تُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ إنَّمَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي الْوَطْءِ وَالْعِدَّةُ تَجِبُ لِلِاحْتِيَاطِ وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ تُسْلِمَ نَفْسَهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ لَا مِنْ جِهَةِ الطَّبْعِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَالْفَاسِدَةُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَانِعٌ إمَّا طَبْعًا وَإِمَّا شَرْعًا فَالطَّبْعُ أَنْ يَكُونَا مَرِيضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَرَضًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ أَوْ بِهَا رَتْقٌ أَوْ مَعَهُمَا ثَالِثٌ وَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ أَنْ يَكُونَا مُحْرِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إحْرَامَ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ صَائِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَوْمَ فَرْضٍ وَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ أَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ إنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ لَا تَمْنَعُ الْخَلْوَةَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهَا بِالْفِطْرِ يَسِيرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقَضَاءُ لَا غَيْرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رَمَضَانُ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَلِهَذَا سَوَّوْا بَيْنَ حَجِّ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ نَفْلَ الصَّوْمِ كَفَرْضِهِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ صَحِيحَةٍ) حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَدَمِ الدُّخُولِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَرَضِ مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ أَوْ يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ بِالرَّجُلِ أَوْ بِالْمَرْأَةِ وَالصَّلَاةُ كَالصَّوْمِ فَرْضُهَا كَفَرْضِهِ وَنَفْلُهَا كَنَفْلِهِ وَقِيلَ سُنَّةُ الْفَجْرِ وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ سَوَاءٌ كَانَ الْحَجُّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَكَذَا إذَا كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ أَيْ مِنْ الدَّمِ وَفَسَادِ النُّسُكِ وَالْقَضَاءِ وَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا وَلَبِثَتْ مَعَهُ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ أَوْ هُوَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا لَا تَكُونُ هَذِهِ خَلْوَةً مَا لَمْ يَعْرِفْهَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَلَوْ خَلَا بِهَا وَهُنَاكَ إنْسَانٌ يَعْقِلُ حَالَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ وَأَمَّا النَّائِمُ فَيُؤَثِّرُ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ النَّوْمُ، وَهُوَ مُنْتَبِهٌ فَلَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ مَعَهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ وَإِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَعْمَى أَوْ عَمْيَاءَ إنْ كَانَا يَقِفَانِ عَلَى حَالِهِمَا لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ وَإِنْ لَمْ يَقِفَا صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ إنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا جَارِيَةُ الرَّجُلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَصِحُّ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا جَارِيَةُ الْمَرْأَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا تَصِحُّ وَإِنْ خَلَا بِهَا وَمَعَهَا كَلْبُ أَحَدِهِمَا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ إنْ كَانَ لَهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْخَلْوَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَآهَا سَاقِطَةً تَحْتَ رَجُلٍ يَصِيحُ وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ صَحَّتْ. وَإِنْ خَلَا بِهَا فِي مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ صَحْرَاءَ فَلَيْسَ بِخَلْوَةٍ وَإِنْ خَلَا بِهَا فِي الْحَمَّامِ إنْ كَانَ نَهَارًا لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا صَحَّتْ وَإِنْ خَلَا بِهَا عَلَى سَطْحٍ لَا حِجَابَ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ بِخَلْوَةٍ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا صَحَّتْ وَإِنْ خَلَا بِهَا فِي مَحْمِلٍ عَلَيْهِ سَتْرٌ مَضْرُوبٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إنْ أَمْكَنَ الْوَطْءُ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَصِحُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ أَمْكَنَهُ وَطْؤُهَا صَحَّتْ قَالَ فِي الْفَتَاوَى كُلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ فِيهِ الْخَلْوَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَنْ الْجِمَاعِ حَقِيقَةً فَطَلَّقَهَا كَانَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ خَلْوَةَ الْمَرِيضِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ، وَكَذَا خَلْوَةُ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُتَّهَمَانِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ هِيَ مَرِيضَةً مُدْنَفَةً لَا تُجَامَعُ أَوْ صَغِيرَةً لَا تُجَامَعُ، ثُمَّ إنَّ أَصْحَابَنَا أَقَامُوا الْخَلْوَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْكِيدُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى وَتَأْكِيدُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةُ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَثُبُوتُ النَّسَبِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةُ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةُ الْبَنَاتِ وَحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ يَعْنِي الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَخَلَا بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ، وَكَذَا لَمْ يُقِيمُوا الْخَلْوَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الرَّجْعَةِ وَالْمِيرَاثِ وَأَمَّا وُقُوعُ طَلَاقٍ آخَرَ فَقَدْ قِيلَ لَا يَقَعُ وَقِيلَ يَقَعُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَفِي الْبَزْدَوِيِّ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ فَإِنَّهُ كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي حُكْمِ الْبَيْنُونَةِ وَفِي الْكَرْخِيِّ تُوجِبُ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ الْعِدَّةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَلَا يُبِيحُ الْوَطْءَ. قَوْلُهُ (وَإِذَا خَلَا الْمَجْبُوبُ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَعِنْدَهُمَا لَهَا نِصْفُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ إجْمَاعًا احْتِيَاطًا وَالْمَجْبُوبُ هُوَ الَّذِي اُسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وَخُصْيَتَاهُ أَيْ قُطِعُوا وَأَمَّا الْعِنِّينُ إذَا خَلَا بِامْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَوَانِعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَبَ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ إجْمَاعًا، وَكَذَا الْخَصِيُّ أَيْضًا وَلَوْ خَلَا بِالرَّتْقَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرَّتْقَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُتَعَذِّرٌ وَالْعِدَّةُ إنَّمَا تَجِبُ لِلِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ (وَتُسْتَحَبُّ الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إلَّا مُطَلَّقَةً وَاحِدَةً: وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا) فَالْمُتْعَةُ لَهَا وَاجِبَةٌ إلَّا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا وَهَذَا الْكَلَامُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِبُّ لَهَا الْمُتْعَةَ عَلَى قَوْدِ هَذَا الْكَلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ الْمُطَلَّقَاتُ أَرْبَعٌ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ وَمُطَلَّقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ الْمُتْعَةُ لَهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَمُطَلَّقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ أَيْضًا الْمُتْعَةُ لَهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَمُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَهَذِهِ لَا تَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ وَلَا تُسْتَحَبُّ قَالَ الْكَرْخِيُّ الْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الْمَرْأَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ الْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ وَمَهْرُ الْمَرْأَةِ عَلَى قَدْرِهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ فَيَكُونُ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ فَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ هَذَا النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَعِنْدَنَا لَيْسَ هَذَا بِنِكَاحِ الشِّغَارِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا)؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ الْحُرِّ نَمَاءٌ مِنْهُ كَوَلَدِهِ وَلِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ أَوْ يَكُونُ مَهْرًا لَمْ تَكُنْ مَنَافِعُهُ مَهْرًا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَنَافِعُهُ مَهْرًا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا قِيمَةُ خِدْمَتِهِ سَنَةً وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ فَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَاجِبٌ فَتَعْلِيمُهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ إلَّا مَالًا؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ إنَّمَا هُوَ الِابْتِغَاءُ بِالْمَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} وَالتَّعْلِيمُ لَيْسَ بِمَالٍ وَأَمَّا خِدْمَةُ الْعَبْدِ فَهِيَ مَالٌ لِتَضَمُّنِهِ تَسْلِيمَ رَقَبَتِهِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ حُرَّةً بِإِذْنِ مَوْلَاهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً جَازَ) وَلَهَا خِدْمَتُهُ سَنَةً؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَالًا فَيَجِبُ بِتَسْلِيمِهَا مَا هُوَ مَالٌ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُ نَمَاءٌ مِنْهُ كَوَلَدِهِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْمَجْنُونَةِ أَبُوهَا وَابْنُهَا فَالْوَلِيُّ فِي نِكَاحِهَا ابْنُهَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَبُوهَا) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْجَدُّ وَالِابْنُ وَكَذَلِكَ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الِابْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا زَوَّجَهَا ابْنُهَا ثُمَّ عَقَلَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ وَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَيَنْبَغِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا ابْنُهَا وَعَقَلَتْ أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ عِنْدَهُ وَإِنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ فَلَهَا الْخِيَارُ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُمَا) وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَمَلَكَ النِّكَاحَ وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ} أَيْ زَانٍ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّزْوِيجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِأَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْكَسْبِ وَذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ حَتَّى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَتَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهَا، وَكَذَا الْمَأْذُونُ لَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالنِّكَاحُ لَيْسَ مِنْهَا وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ لَا يَمْلِكُ النِّكَاحَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ مَدْيُونٍ فَيَجُوزُ نِكَاحُهُ، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا يَمْلِكَانِ تَزْوِيجَ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقَفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَيَجُوزُ لِلْمَوْلَى إجْبَارُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا إجْبَارَ فِي الْعَبْدِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِكُرْهٍ مِنْهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا فَالْعَبْدُ لَا خِيَارَ لَهُ وَلِلْأَمَةِ الْخِيَارُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُكْرِهَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَلَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهَا نَفَذَ الْعَقْدَ بِالْعَتَاقِ وَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَكَذَا إذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ إنْ كَانَ بَعْضُهَا يَحِلُّ لَهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ وَالِامْتِنَاعِ كَانَ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ وَلَا خِيَارَ لَهَا، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَتَقَ صَحَّ نِكَاحُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْإِذْنِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِإِطْلَاقِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَهُوَ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ تَزْوِيجًا صَحِيحًا بَعْدَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ وَفَائِدَتُهُ أَيْضًا إذَا دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ عَلَى الْفَسَادِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ فَالْمَهْرُ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهِ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ وَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ وَقِيلَ يَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى الْجَائِزِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَلَا عُرْفَ فِي الْفَاسِدِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَالْمَهْرُ دَيْنٌ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ) أَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ فَيَسْعَوْنَ فِي الْمَهْرِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الرَّقَبَةِ وَمَا لَزِمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى أُتْبِعُوا بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَوَّأَهَا بَيْتَ الزَّوْجِ وَلَكِنَّهَا تَخْدُمُ الْمَوْلَى وَيُقَالُ لِلزَّوْجِ مَتَى ظَفِرْتَ بِهَا وَطِئْتهَا)؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الِاسْتِخْدَامِ بَاقٍ وَصُورَةُ التَّبْوِئَةِ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِذَا بَوَّأَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ فَإِنْ عَادَ فَبَوَّأَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ إذَا بَوَّأَهَا فَكَانَتْ تَخْدُمُ الْمَوْلَى أَحْيَانَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لَمْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَلَهَا النَّفَقَةُ سَوَاءٌ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى مَعَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ نَفْسِهَا لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى فِي اسْتِخْدَامِهَا وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا بَائِنًا وَقَدْ كَانَ الْمَوْلَى بَوَّأَهَا مَعَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا الْمَوْلَى تَخْدُمُهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الزَّوْجِ وَيَأْخُذُ النَّفَقَةَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي تَبْوِئَةِ الزَّوْجِ يَوْمَ طَلَّقَ فَأَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُبَوَّأَهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ لَمْ تَجِبْ وَفِي قَوْلِ زُفَرَ تَجِبُ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا ارْتَدَّتْ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ثُمَّ إذَا أَسْلَمَتْ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ ثُمَّ الْأَمَةُ إذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا وَجَاءَتْ بِأَوْلَادِ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُمْ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمْ مِلْكُ الْمَوْلَى فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى مَالِكِهِمْ لَا عَلَى أَبِيهِمْ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً فَجَاءَتْ بِأَوْلَادٍ مِنْ الزَّوْجِ فَنَفَقَتُهُمْ عَلَيْهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى مَنْ يَرِثُ الْوَلَدَ مِنْ الْقَرَابَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ مُكَاتَبَةً فَأَوْلَادُهَا مُكَاتَبُونَ كَالْأُمِّ وَنَفَقَتُهُمْ عَلَيْهَا وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِمَا عَلَى مَوْلَاهُمَا. قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنْ وَفَّى بِالشَّرْطِ فَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) مَعْنَاهُ سَمَّى لَهَا مَهْرًا أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ لَمْ يَفِ لَهَا إنْ كَانَ مَا سَمَّى لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَمَّى لَهَا أَقَلَّ كَمَّلَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ أَلْفَيْنِ وَلَا يَنْقُصُ بِهِ مِنْ أَلْفٍ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْأَقَلِّ، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْحَبَشِيِّ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ التُّرْكِيِّ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ عَنْ قِيمَةِ التُّرْكِيِّ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْحَبَشِيِّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْأَقَلِّ إجْمَاعًا وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ أَوْ عَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ فَلَهَا الْأَلْفُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَادُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ وَلَكِنَّ مَعَ هَذَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْأَقَلِّ وَعِنْدَهُمَا الشَّرْطَانِ جَمِيعًا جَائِزَانِ فَأَيُّهُمَا وُجِدَ فَلَهَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْهُ) يَعْنِي سَمَّى جِنْسَ الْحَيَوَانِ دُونَ وَصْفِهِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حِمَارٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَابَّةٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلُهُ (وَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَاهَا الْحَيَوَانَ وَإِنْ شَاءَ قِيمَتَهُ)؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا صَحِيحًا بِدَلَالَةِ أَنَّ مُسْتَهْلِكَهُ لَا يَلْزَمُهُ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ الْوَسَطُ مِنْ الْعَبِيدِ قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا إذَا لَمْ يُسَمِّ أَبْيَضَ فَإِنْ سَمَّى أَبْيَضَ فَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا ثُمَّ الْجَيِّدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الرُّومِيُّ وَالْوَسَطُ السِّنْدِيُّ وَالرَّدِيءُ الْهِنْدِيُّ وَعِنْدَهُمَا الْجَيِّدُ التُّرْكِيُّ وَالْوَسَطُ الصَّيْقَلَانِيُّ وَالرَّدِيءُ الْهِنْدِيُّ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْجَيِّدُ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَالْوَسَطُ أَرْبَعُونَ وَالرَّدِيءُ ثَلَاثُونَ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْمُعْتَبَرُ عَلَى قَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ فِي الْبُلْدَانِ قَالَ فِي الْمُصَفَّى وَقَوْلُهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا)؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ فَلَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ فَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا إذَا ذَكَرَ الثَّوْبَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ أَجْنَاسٌ كَثِيرَةٌ أَمَّا إذَا سَمَّى جِنْسًا بِأَنْ قَالَ هَرَوِيًّا أَوْ مَرَوِيًّا أَوْ ذَاشَرِيًّا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ إعْطَائِهِ أَوْ إعْطَاءِ قِيمَتِهِ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ فِي الظَّاهِرِ وَفِي رِوَايَةٍ يَوْمَ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ (وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ) وَصُورَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَةِ خُذِي هَذِهِ الْعَشَرَةَ لِأَتَمَتَّعَ بِك أَوْ مَتِّعِينِي بِنَفْسِك أَيَّامًا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَصُورَةُ الْمُؤَقَّتِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرًا. وَقَالَ زُفَرُ هُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ التَّزْوِيجِ فِي الْمُؤَقَّتِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُتْعَةِ ثُمَّ عِنْدَ زُفَرَ إذَا جَازَ النِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيَكُونُ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى النِّكَاحِ التَّأْبِيدُ وَإِنْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنْ أُطَلِّقَك إلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَبَّدَ الْعَقْدَ وَشَرَطَ قَطْعَ التَّأْبِيدِ بِذِكْرِ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَبَّدُ لَا يُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ فَجَازَ النِّكَاحُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ. قَوْلُهُ (وَتَزْوِيجُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُمَا مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ) لَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ بَاشَرَا الْعَقْدَ بِأَنْفُسِهِمَا وَهُنَا زَوَّجَهُمَا الْفُضُولِيُّ فَلَا يَكُونُ تَكْرَارًا وَقَدْ قَالُوا فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَمْ يُجِزْ الْمَوْلَى حَتَّى مَاتَ فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَطَلَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ؛ لِأَنَّ كُلَّ اسْتِبَاحَةٍ صَحِيحَةٍ طَرَأَتْ عَلَى اسْتِبَاحَةٍ مَوْقُوفَةٍ فَإِنَّهَا تُبْطِلُهَا وَإِنْ وَرِثَ الْأَمَةَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مِثْلَ أَنْ يَرِثَهَا جَمَاعَةٌ أَوْ يَرِثُهَا ابْنُهُ وَقَدْ كَانَ الْمَيِّتُ وَطِئَهَا فَلِلْوَارِثِ الْإِجَازَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ لَمْ تَطْرَأْ اسْتِبَاحَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى مَوْقُوفَةٍ فَبَقِيَ الْمَوْقُوفُ بِحَالِهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ بَاعَهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَالْحُكْمُ فِي إجَازَةِ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ يَعْنِي إذَا اشْتَرَاهَا رَجُلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ صُهُورِيَّةٍ فَأَجَازَ نِكَاحَهَا جَازَ عِنْدَنَا. وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا امْرَأَةٌ فَأَجَازَتْ النِّكَاحَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا. وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ بَاعَهُ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي الْإِجَازَةَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُسْتَبَاحُ بِالْمِلْكِ وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَى الِاسْتِبَاحَةِ الْمَوْقُوفَةِ مَا يُنَاقِضُهَا. قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ رَجُلًا بِغَيْرِ رِضَاهُ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ وَشَرْطُ الْعَقْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانَةَ وَهِيَ غَائِبَةٌ فَبَلَغَهَا فَأَجَازَتْ أَوْ قَالَتْ هِيَ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ فَبَلَغَهُ فَأَجَازَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ عَنْ الْغَائِبِ قَابِلٌ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ قَالَ فِي الْمُصَفَّى رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ ابْنَتَهُ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً جَازَ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا إذَا زَوَّجَهُ بِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا بِوِلَادٍ كَالْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَبِنْتِ الِابْنِ وَأَمَّا الْأُخْتُ وَبِنْتُ الْأُخْتِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى تَنْفِيذِهِمَا لِلْمُخَالَفَةِ وَلَا إلَى التَّنْفِيذِ فِي إحْدَاهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَتَتَعَيَّنُ بِبَيَانِ الزَّوْجِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لِابْنِ الْعَمِّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ مِنْ نَفْسِهِ). وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ فَسَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ أَوْ أَفْصَحَتْ بِالرِّضَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ، وَكَذَا الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ وَالْحَاكِمُ وَالسُّلْطَانُ. قَوْلُهُ (وَإِذَا ضَمِنَ الْوَلِيُّ الْمَهْرَ صَحَّ ضَمَانُهُ وَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ فِي مُطَالَبَةِ زَوْجِهَا أَوْ وَلِيِّهَا) اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الْكَفَالَاتِ وَيَرْجِعُ الْوَالِي إذَا أَدَّى عَلَى الزَّوْجِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ قَوْلُهُ (وَإِذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا)؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ فِيهِ بِالْخَلْوَةِ، وَكَذَا لَوْ لَمَسَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ جَامَعَهَا فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمَشَايِخِ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ (فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُزَاد عَلَى الْمُسَمَّى) هَذَا إذَا كَانَ ثَمَّةَ مُسَمًّى أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَيُعْتَبَرُ الْجِمَاعُ فِي الْقُبُلِ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ (وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ)؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ أَوْجَبَ كَمَالَ الْمَهْرِ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ أَوْ عِنْدَ عَزْمِ الْوَاطِئِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا لَا مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ زُفَرُ هُوَ مِنْ آخِرِ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا فَإِنْ كَانَتْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ بَعْدَ آخِرِ وَطْأَةٍ قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَهُ وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ: إنَّ التَّفْرِيقَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مِثْلَ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَإِذَا حَلَّ التَّفْرِيقُ مَحَلَّ الطَّلَاقِ اُعْتُبِرَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُ قَوْلُهُ (وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ إحْيَاءً لِلْوَلَدِ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَوْلُهُ (وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِأَخَوَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَبَنَاتِ عَمِّهَا وَلَا يُعْتَبَرُ بِأُمِّهَا وَلَا خَالَتِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلَتِهَا)؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْسَبُ إلَى قَبِيلَةِ أَبِيهَا وَتَشْرُفُ بِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مِنْ قَبِيلَةِ أَبِيهَا بِأَنْ كَانَتْ بِنْتَ عَمِّ أَبِيهَا فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ بِمَهْرِهَا وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ عَنْ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَيْسَ لَهَا مِثَالٌ فِي قَبِيلَةِ أَبُوهَا فِي الْمَالِ وَالْجَمَالِ فَقَالَ يُنْظَرُ إلَى قَبِيلَةٍ أُخْرَى مِثْلَ قَبِيلَةِ أَبِيهَا فَيُقْضَى لَهَا بِمِثْلِ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَاءِ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ. قَوْلُهُ (وَيُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ أَنْ يَتَسَاوَى الْمَرْأَتَانِ فِي السِّنِّ وَالْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ وَالنَّسَبِ وَالْبَلَدِ وَالْعَصْرِ وَالْعِفَّةِ) وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى تَأْخُذَ الْمَهْرَ وَتَمْنَعَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا حَتَّى يَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَلِ كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الْمُبْدِلِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ السَّفَرِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ وَزِيَارَةِ أَهْلِهَا حَتَّى يُوَفِّيَهَا الْمَهْرَ كُلَّهُ يَعْنِي الْمُعَجَّلَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِلِاسْتِيفَاءِ قَبْلَ الْإِيفَاءِ وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِالتَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا أَجَّلَ الثَّمَنَ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ حَالًّا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ كُلَّهُ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِرِضَاهَا وَأَرَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَمْنَعَ لِأَجْلِ الْمَهْرِ فَلَهَا ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ بِالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُوجِبْ لَهَا الْحَبْسَ فَلَا يَثْبُتُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا فَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا إذَا أَعْطَاهَا الْحَالَّ. (فُرُوعٌ) رَجُلٌ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ بِشَيْءٍ فَقَالَتْ هُوَ هَدِيَّةٌ وَقَالَ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْكُولًا فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُهَا يَعْنِي مَا يَكُونُ مِنْهُ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ مِثْلَ الْخُبْزِ وَالرُّطَبِ وَالْبِطِّيخِ وَاللَّبَنِ وَالْحَلْوَى وَالشَّوِيِّ وَمَا لَا يَبْقَى وَيَفْسُدُ وَأَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالدَّقِيقُ وَالشَّاةُ الْحَيَّةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالْكِسْوَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْمَهْرِ قِيلَ لِأَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ فَمَا تَقُولُ فِي الْخُفِّ قَالَ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُهَيِّئَ لَهَا أَمْرَ الْخُرُوجِ وَهُنَا مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةُ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ خُفُّهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ خُفُّ أَمَتَهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ الْخُرُوجِ دُونَ أَمَتِهَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَفَعَهُ إلَيْهَا فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ وَإِنْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى جَارِيَةٍ حُبْلَى عَلَى أَنَّ مَا يَكُونُ فِي بَطْنِهَا لَهُ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ وَمَا فِي بَطْنِهَا لَهَا؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى امْرَأَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةً فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّلَهَا عَلَيْهَا كَانَ لَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَالتَّأْجِيلُ بَاطِلٌ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ أَلْفًا جَازَ النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ الْأَلْفُ وَالنَّفَقَةُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَهَبَ لِأَبِيهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا سَوَاءٌ وَهَبَ لِأَبِيهَا أَلْفًا أَوْ لَا فَإِنْ وَهَبَ لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُك عَلَى دَرَاهِمَ كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْخُلْعَ كُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً وَإِنْ قَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ إذَا قَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ)، وَكَذَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةُ تَعْتَدُّ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ فِي حَبْسِهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الذِّمِّيَّةِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ وَتُنْكَحُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ}. قَوْلُهُ (وَلِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ وَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا حُرَّتَيْنِ كَانَتَا أَوْ أَمَتَيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ الْحُرُّ إحْدَى الْأَرْبَعِ طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَابِعَةً غَيْرَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَابِعَةً قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فُقِدَتْ إحْدَاهُنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَكَانَهَا أُخْرَى حَتَّى يَأْتِيَهُ خَبَرُ مَوْتِهَا أَوْ تَبْلُغَ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَعِيشُ مِثْلُهَا إلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ وَإِنْ طَلَّقَ الْمَفْقُودَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهَا أَوْ تَبْلُغَ حَدَّ الْإِيَاسِ فَيَتَرَبَّصَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ زَوَّجَ الْأَمَةَ مَوْلَاهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا) وَخِيَارُهَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي تَعْلَمُ فِيهِ بِالْعِتْقِ وَتَعْلَمُ بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فَإِنْ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْخِيَارِ ثُمَّ عَلِمَتْ بِالْخِيَارِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ قَوْلُهُ (وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ) يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ. وَقَالَ زُفَرُ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ نَفَذَ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا وَلِهَذَا كَانَ الْمَهْرُ لَهَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا خِيَارَ لَهَا)، وَكَذَا الْعَبْدُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَمَةَ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ وَالْمَهْرُ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ إذَا جَازَ النِّكَاحُ أَعْتَقَهَا أَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا وَسَوَاءٌ حَصَلَ الدُّخُولُ قَبْلَ الْعَتَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ حَتَّى أَعْتَقَهَا جَازَ الْعَقْدُ فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لَهَا. (قَوْلُهُ وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إحْدَاهُمَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا صَحَّ نِكَاحُ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأُخْرَى) وَيَكُونُ الْمَهْرُ كُلُّهُ لِلَّتِي صَحَّ نِكَاحُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُقَسَّمُ الْمُسَمَّى عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلَيْهِمَا فَمَا أَصَابَ الَّتِي صَحَّ نِكَاحُهَا لَزِمَ وَمَا أَصَابَ الْأُخْرَى بَطَلَ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرًا أَوْ جَمَعَهُمَا وَقَوْلُهُ وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا تَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يُجَاوِزُ بِهِ حِصَّتَهَا مِنْ الْمُسَمَّى. قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَ بِالْمَرْأَةِ عَيْبٌ فَلَا خِيَارَ لِزَوْجِهَا) عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا بِكْرٌ شَابَّةٌ جَمِيلَةٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا عَجُوزًا عَمْيَاءَ بَخْرَاءَ شَوْهَاءَ ذَاتَ قُرُوحٍ لَهَا شِقٌّ مَائِلٌ وَعَقْلٌ زَائِلٌ وَلُعَابٌ سَائِلٌ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِي الْفَتَاوَى إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ عَمْيَاءَ أَوْ شَوْهَاءَ لَهَا لُعَابٌ سَائِلٌ وَشِقٌّ مَائِلٌ وَعَقْلٌ زَائِلٌ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا إذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ خَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ أَوْ مَجْبُوبٍ جَازَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤَجَّلُ فِي الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ سَنَةً وَتُخَيَّرُ فِي الْمَجْبُوبِ لِلْحَالِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَةً لَا تُكَافِئُهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا إذَا زَوَّجَهُ صَغِيرَةً لَا تُجَامَعُ جَازَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَةً فَزَوَّجَهُ حُرَّةً لَمْ يَجُزْ فَإِنْ زَوَّجَهُ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ جَازَ فَإِنْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ بِنْتَه لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً وَعِنْدَهُمَا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً يَجُوزُ. قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَلَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ). وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا الْخِيَارُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا كَمَا فِي الْجُبِّ وَالْعُنَّةِ بِخِلَافِ جَانِبِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّلَاقِ وَلِأَنَّهَا يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ بِالْمُقَامِ مَعَ الْجُنُونِ أَكْثَرَ مِمَّا يَلْحَقُهَا بِالْمُقَامِ مَعَ الْعِنِّينِ فَإِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ مَعَ الْعِنِّينِ فَهَذَا أَوْلَى وَلَهُمَا أَنَّ فِي الْخِيَارِ إبْطَالَ حَقِّ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْجُبِّ وَالْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا يُخِلَّانِ بِالْوَطْءِ وَهَذِهِ الْعُيُوبُ غَيْرُ مُخِلَّةٍ بِهِ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الزَّوْجِ تَصْحِيحُ مَهْرِهَا بِوَطْئِهِ إيَّاهَا وَهَذَا مَوْجُودٌ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ عِنِّينًا أَجَّلَهُ الْحَاكِمُ حَوْلًا كَامِلًا فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا وَإِلَّا فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا إنْ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ رَتْقَاءَ أَمَّا إذَا كَانَتْ رَتْقَاءَ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَحُكْمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ حُكْمُ الْعِنِّينِ يَعْنِي إذَا وَجَدَتْ زَوْجَهَا خُنْثَى وَالْعِنِّينُ مَنْ لَهُ صُورَةُ آلَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَعْنَاهَا، وَهُوَ الْجِمَاعُ وَقَوْلُهُ حَوْلًا أَيْ سَنَةً شَمْسِيَّةً. وَفِي الْهِدَايَةِ قَمَرِيَّةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَالْقَمَرِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَأَوَّلُ السَّنَةِ. قِيلَ مِنْ حِينِ يَتَرَافَعَانِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا قَبْلَ التَّرَافُعِ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ أَيَّامُ الْحَيْضِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَرَضُهُ وَلَا مَرَضُهَا؛ لِأَنَّ السَّنَةَ قَدْ تَخْلُو عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ثُمَّ إذَا أَجَّلَهُ سَنَةً وَتَرَافَعَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا وَقَالَ هُوَ قَدْ وَطِئْتُهَا نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَخُيِّرَتْ وَيُجْزِئُ فِيهِ شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ الْعَدْلَةِ وَالِاثْنَتَانِ أَحْوَطُ وَأَوْثَقُ وَلَا عَيْنَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تَقَوَّتْ بِالْأَصْلِ وَهِيَ الْبَكَارَةُ وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ خُيِّرَتْ لِتَأَيُّدِهَا بِالنُّكُولِ وَإِنْ حَلَفَ لَا تُخَيَّرُ فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فِي الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ شَكَّ النِّسَاءُ فِي أَمْرِهَا فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ حَتَّى تَبُولَ عَلَى الْجِدَارِ فَإِنْ رَمَتْ بِهِ عَلَيْهِ فَهِيَ بِكْرٌ وَإِلَّا فَهِيَ ثَيِّبٌ وَقِيلَ تُمْتَحَنُ بِبَيْضَةِ الدِّيكِ فَإِنْ وَسِعَتْهَا فَهِيَ ثَيِّبٌ وَإِلَّا فَهِيَ بِكْرٌ ثُمَّ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا إمَّا بِاعْتِرَافِهِ أَوْ بِظُهُورِ الْبَكَارَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخَيِّرُهَا فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ بَطَلَ حَقُّهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَا خُصُومَةَ فِي هَذَا النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا وَإِنْ طَلَبَتْ الْفُرْقَةَ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ يَخْتَصُّ سَبَبُهَا بِالْحَاكِمِ فَلَا تَقَعُ إلَّا بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ التَّفْرِقَةُ بِنَفْسِ اخْتِيَارِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ كَخِيَارِ الْمُعْتَقَةِ وَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ مَا لَمْ يَقُلْ الْقَاضِي فَرَّقْت بَيْنَكُمَا كَخِيَارِ الْمُدْرِكَةِ ثُمَّ هَذَا التَّخْيِيرُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّ تَخْيِيرَ الْقَاضِي إيَّاهَا كَتَخْيِيرِ الزَّوْجِ قَوْلُهُ (وَكَانَتْ الْفُرْقَةُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً) ثُمَّ إذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ عِنِّينٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ وَكَانَ زَوْجُهَا عِنِّينًا لَمْ يُؤَجِّلْهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ وَلَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ مَعَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مُطَاوِعَةً فِي الْمُضَاجَعَةِ لَمْ يَكُنْ هَذَا رِضًا؛ لِأَنَّهَا تَفْعَلُ ذَلِكَ اخْتِبَارًا لِحَالِهِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا فَإِنْ قَالَتْ قَدْ رَضِيتُ بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْإِسْقَاطِ وَإِنْ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا فِي الْمُدَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْوَطْءِ وَإِنْ وَطِئَهَا وَهِيَ حَائِضٌ سَقَطَ خِيَارُهَا وَإِنْ وَصَلَ إلَى غَيْرِهَا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ وَطْءَ غَيْرِهَا لَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مَهْرُهَا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَوْ أَجَّلَ الْعِنِّينَ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَقَدْ جُنَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي الطَّلَاقَ عَلَى امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَلَوْ أَنَّ الْمَجْنُونَ زَوَّجَهُ أَبُوهُ فَلَمْ يَصِل إلَيْهَا لَمْ يُؤَجِّلْهُ؛ لِأَنَّ فُرْقَتَهُ طَلَاقٌ وَالْمَجْنُونُ لَا طَلَاقَ لَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَإِذَا كَانَ زَوْجُ الْأَمَةِ عِنِّينًا فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إلَى الْأَمَةِ قَوْلُهُ (وَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ إذَا كَانَ قَدْ خَلَا بِهَا)؛ لِأَنَّ خَلْوَةَ الْعِنِّينِ صَحِيحَةٌ تَجِبُ بِهَا الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ وَلَمْ يُؤَجِّلْهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي انْتِظَارِهِ ثُمَّ إذَا خَلَا بِهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَجْبُوبُ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الِانْتِظَارِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ بَعْدَمَا عَقَلَ وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُدْرِكَ قَوْلَهُ (وَالْخَصِيُّ يُؤَجَّلُ كَمَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ)؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَرْجُوٌّ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي أُخْرِجَتْ أُنْثَيَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ فَهُوَ وَالْعِنِّينُ سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الذَّكَرِ مَجْبُوبًا وَبَقِيَ مَا يُمْكِنُ بِهِ مِنْ الْجِمَاعِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْجِمَاعِ وَقَالَ هُوَ أَنَا أَتَمَكَّنُ مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَا يُمْكِنُ بِهِ الْإِيلَاجُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا قُطِعَ بَعْضُهُ ضَعُفَ. قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ عَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ أَبَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) وَهَذَا إذَا كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَهَذَا إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْنُونًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحْضِرُ أَبَاهُ فَيَعْرِضُ عَلَى الْأَبِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ قَدْ مَاتَ وَلَهُ أُمٌّ عَرَضَ عَلَيْهَا كَالْأَبِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْحَرْبِيَّةُ إذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا لَا تَبِينُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ هُنَاكَ مَرْجُوٌّ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأَشْبَهَ الْمُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ أَبَتْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكُنْ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا)؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا فَإِنَّ الْفُرْقَةَ هُنَاكَ مِنْ جِهَةِ الرَّجُلِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ) يَعْنِي إذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَائِهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا)؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَصَارَتْ مَانِعَةً لِنَفْسِهَا كَالْمُطَاوَعَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إبَاءُ الْإِسْلَامِ وَرِدَّةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا حَصَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهُوَ فَسْخٌ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ فَسْخٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي كِلَيْهِمَا وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ كِلَاهُمَا طَلَاقٌ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الرِّدَّةُ فَسْخٌ وَإِبَاءُ الزَّوْجِ الْإِسْلَامَ طَلَاقٌ. قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ عَلَيْهَا حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِذَا حَاضَتْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي ذَلِكَ أَيْ فِي تَوَقُّفِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ عَلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحِيَضَ لَا تَكُونُ عِنْدَهُ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولَةُ وَغَيْرُهَا ثُمَّ نَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فَكَذَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ قَوْلُهُ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهَا الْفُرْقَةُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ثُمَّ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُسْلِمُ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ. قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا)؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً فَلَأَنْ يَبْقَى أَوْلَى قَوْلُهُ (وَإِذَا خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إلَيْنَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ بَيْنَهُمَا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَقَعُ قَوْلُهُ (وَإِذَا سُبِيَ أَحَدُهُمَا وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ) لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ قَوْلُهُ (وَإِنْ سُبِيَا مَعًا لَمْ تَقَعْ الْبَيْنُونَةُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِمَا دِينٌ وَلَا دَارٌ. قَوْلُهُ (وَإِذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ إلَيْنَا مُهَاجِرَةً جَازَ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وَفِي الْمَنْعِ مِنْ تَزْوِيجِهَا تَمَسُّكٌ بِعِصْمَتِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلَا يُقِرُّ بِهَا الزَّوْجُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا كَمَا فِي الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّ مَاءَ الْحَرْبِيِّ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَحَلَّ مَحَلَّ الزِّنَا وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا حَامِلٌ بِوَلَدٍ ثَابِتِ النَّسَبِ فَتُمْنَعُ مِنْ النِّكَاحِ احْتِيَاطًا. قَوْلُهُ (وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ بَيْنَهُمَا فُرْقَةً بِغَيْرِ طَلَاقٍ) عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الزَّوْجِ فَهِيَ طَلَاقٌ وَإِنْ كَانَتْ مِنْهَا فَهِيَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ هُوَ يُعْتَبَرُ بِالْإِبَاءِ وَأَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْإِبَاءِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ إبَاءَ الزَّوْجِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ فَالرِّدَّةُ كَذَلِكَ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فَتَعَذَّرَتْ الرِّدَّةُ أَنْ تُجْعَلَ طَلَاقًا بِخِلَافِ الْإِبَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْإِمْسَاكَ بِالْمَعْرُوفِ فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَلِهَذَا تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ بِالْإِبَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا تَتَوَقَّفُ بِالرِّدَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ ارْتِدَادُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ عِنْدَنَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ امْرَأَةٌ ارْتَدَّتْ لِتُفَارَقَ زَوْجَهَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتُعَزَّرُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إلَّا بِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُصَفَّى يُجَدِّدُ الْعَقْدَ بِمَهْرٍ يَسِيرٍ رَضِيَتْ أَوْ أَبَتْ يَعْنِي أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرْتَدُّ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَهَا النِّصْفُ)؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَصَارَتْ كَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا)؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ بُضْعَهَا بِالِارْتِدَادِ فَصَارَتْ كَالْبَائِعِ إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا). وَقَالَ زُفَرُ يَبْطُلُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ أَحَدِهِمَا مُنَافِيَةٌ وَفِي رِدَّتِهِمَا رِدَّةُ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةٌ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الِارْتِدَادِ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَبْطُلُ لِإِصْرَارِ الْآخَرِ عَلَى الرِّدَّةِ وَهِيَ مُنَافِيَةٌ مِثْلَ ابْتِدَائِهَا وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْفُرْقَةُ لَا تَقَعُ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَحِضْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَإِنْ أَسْلَمَ الْبَاقِي مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِلَّا فَقَدْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ فَهِيَ كَالْمُهَاجِرَةِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الزَّوْجُ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إجْمَاعًا. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمَةً وَلَا كَافِرَةً وَلَا مُرْتَدَّةً)؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَتْلِ وَالْإِمْهَالُ إنَّمَا هُوَ ضَرُورَةُ التَّأَمُّلِ وَالنِّكَاحُ يَشْغَلُهُ عَنْ التَّأَمُّلِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدَّةُ لَا يَتَزَوَّجُهَا مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا مُرْتَدٌّ)؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِلتَّأَمُّلِ وَخِدْمَةُ الزَّوْجِ تَشْغَلُهَا عَنْ التَّأَمُّلِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا فَالْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ صَارَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ)؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا لِلْوَلَدِ وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً وَالزَّوْجُ كَافِرًا فِي حَالِ الْبَقَاءِ بِأَنْ أَسْلَمَتْ هِيَ وَلَمْ يُسْلِمْ فَهُمَا زَوْجَانِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ (فَالْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ مَعَ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَاَلَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ حَتَّى أَنَّهُ يَصِحُّ سَبْيُهُ وَيَكُونُ مَمْلُوكًا لِلَّذِي سَبَاهُ. قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ)؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ نَظَرٍ لَهُ قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ كَافِرٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ فِي دِينِهِمْ ثُمَّ أَسْلَمَا أَقَرَّا عَلَيْهِ) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ زُفَرُ النِّكَاحُ فَاسِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي بِغَيْرِ شُهُودٍ وَفِي عِدَّةٍ مِنْ كَافِرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي كَمَا قَالَ زُفَرُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي عِدَّةٍ مِنْ كَافِرٍ احْتِرَازًا مِنْ الذِّمِّيَّةِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَتَفْرِيعُ الْمَسَائِلِ إذَا تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً بِغَيْرِ شُهُودٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَإِنْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً فِي عِدَّةِ ذِمِّيٍّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ أَسْلَمَا أُقِرَّا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَأَمَّا نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فَهُوَ فَاسِدٌ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَمْ لَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا فَرَّقْتُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ تَزَوَّجَ الْكَافِرُ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ نِسْوَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا يُقِرُّ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا أَسْلَمَ اخْتَارَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَمِنْ الْخَمْسِ أَرْبَعًا فَإِنْ كَانَ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبِنْتِهَا فَهُوَ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ دَخَلَ بِهِمَا فَرَّقْت بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ وَيُمْسِكُ الْبِنْتَ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْبِنْتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَنِكَاحُ الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِذَا تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ ثُمَّ اسْتَرَقَّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُخَيَّرُ بَيْنَ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ بِذِمِّيَّةٍ عَلَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا صَدَاقَ لَهَا كَالْحَرْبِيِّ وَالْحَرْبِيَّةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ كَالْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ فِي مَقَالَاتِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْمَهْرُ فِي نِكَاحِ أَهْلِ الذِّمَّهْ لَوْ نَفَيَاهُ لَمْ يَجِبْ فِي الذِّمَّهْ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُمَّهُ أَوْ بِنْتَه ثُمَّ أَسْلَمَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا)، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُسْلِمَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا أَمَّا إذَا رَفَعَ أَحَدُهُمَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِهَذَا النِّكَاحِ بَيْنَهُمْ حُكْمُ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ وَعِنْدَهُمَا لَهُ حُكْمُ الْبُطْلَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَفَائِدَتُهُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ عِنْدَ التَّفْرِيقِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ ذَلِكَ خِلَافًا لَهُمَا. (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ حُرَّتَانِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ بِكْرَيْنِ كَانَتَا أَوْ ثِيبَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا بِكْرًا وَالْأُخْرَى ثَيِّبًا) أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَدِيثَةً وَالْأُخْرَى قَدِيمَةً وَسَوَاءٌ كُنَّ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ إحْدَاهُمَا مُسْلِمَةً وَالْأُخْرَى كِتَابِيَّةً فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَلْبُوسِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حُرَّةً وَالْأُخْرَى أَمَةً فَلِلْحُرَّةِ الثُّلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ وَلِلْأَمَةِ الثُّلُثُ) وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ فِيهِنَّ قَائِمٌ وَالْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ فِي اعْتِبَارِ الْقَسْمِ سَوَاءٌ ثُمَّ التَّسْوِيَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْبَيْتُوتَةِ لَا فِي الْمُجَامَعَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى النَّشَاطِ وَلِأَنَّ الْمُجَامَعَةَ حَقُّهُ فَإِذَا تَرَكَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ وَلَا يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَلَا يَدْخُلُ بِاللَّيْلِ عَلَى الَّتِي لَا قَسْمَ لَهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا بِالنَّهَارِ لِحَاجَةٍ وَيَعُودُهَا فِي مَرَضِهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا وَإِنْ ثَقُلَ مَرَضُهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تُشْفَى أَوْ تَمُوتَ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَلَهُ ذَلِكَ وَيُسَوِّيَ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الْمُرَاهِقَةِ وَالْبَالِغَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْعَاقِلَةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالصَّحِيحَةِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ، وَكَذَا الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَالْعِنِّينُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعَدْلِ فِي الْمُؤَانَسَةِ دُونَ الْمُجَامَعَةِ وَيُسَوِّيَ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الْحَدِيثَةِ وَالْقَدِيمَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنْ كَانَتْ الْحَدِيثَةُ بِكْرًا فَضَّلَهَا بِسَبْعِ لَيَالٍ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَبِثَلَاثٍ قُلْنَا لَوْ وَجَبَ التَّفْضِيلُ لَكَانَتْ الْقَدِيمَةُ أَحَقَّ؛ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ فِي جَانِبِهَا أَكْثَرُ حَيْثُ أَدْخَلَ عَلَيْهَا مَا يَغِيظُهَا قَوْلُهُ (وَلَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْقَسْمِ فِي حَالِ السَّفَرِ وَيُسَافِرُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَيُسَافِرَ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا) فَإِنْ سَافَرَ بِإِحْدَاهُنَّ ثُمَّ عَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَطَلَبَ الْبَاقِيَاتُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُنَّ مِثْلَ سَفَرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ بِأَيَّامِ سَفَرِهِ فِي الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ وَلَكِنْ يَسْتَقْبِلُ الْعَدْلَ بَيْنَهُنَّ وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الرَّجُلَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْقَسْمِ يُضْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَدْرَكُ الْحَقُّ فِيهِ بِالْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَطَالَبَتْهُ أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا وَهُوَ يَشْتَغِلُ عَنْهَا بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَرَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا وَيُفْطِرَ لَهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ وَلَا تَوْقِيتٌ. وَفِي الْخُجَنْدِيِّ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا يَقُولُ يَجْعَلُ لَهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا يَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا أُخَرَ فَيَكُونُ لَهَا مِنْ الْقَسْمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ وَبِهَذَا حَكَمَ كَعْبُ بْنُ سُوَرٍ وَاسْتَحْسَنَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: إنَّ زَوْجِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ فَقَالَ عُمَرُ نِعْمَ الزَّوْجُ زَوْجُكِ فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ كَلَامَهَا مِرَارًا فَقَالَ لَهَا مَا أَحْسَنَ ثَنَاءَك عَلَى زَوْجِك فَقَالَ كَعْبُ بْنُ سُوَرٍ أَنَّهَا تَشْكُوهُ قَالَ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ: إنَّهَا تَشْكُو إذْ صَامَ بِالنَّهَارِ وَقَامَ بِاللَّيْلِ هَجَرَ صُحْبَتَهَا وَلَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فَعَجِبَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا كَعْبُ فَحَكَمَ كَعْبٌ لَهَا بِلَيْلَةٍ وَلِزَوْجِهَا بِثَلَاثٍ فَاسْتَحْسَنَهُ عُمَرُ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ عَنْ هَذَا وَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا فَطَلَبْنَهُ بِالْوَاجِبِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ فَلَوْ جَعَلْنَا هَذَا حَقًّا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَكَانَ لَا يَتَفَرَّغُ لِأَفْعَالِهِ فَلَمْ يُؤَقِّتْ لِهَذَا وَقْتًا وَإِنَّمَا يُجْعَلُ لَهَا لَيْلَةً مِنْ الْأَيَّامِ بِقَدْرِ مَا يَحْسُنُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ يَجْعَلُ لَهَا لَيْلَةً مِنْ كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ثَلَاثَ حَرَائِرَ فَيَكُونَ لَهَا لَيْلَةٌ مِنْ سَبْعِ لَيَالٍ. قَوْلُهُ (وَإِذَا رَضِيت إحْدَى الزَّوْجَاتِ بِتَرْكِ قَسْمِهَا لِصَاحِبَتِهَا جَازَ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا لَمْ يَجِبْ فَلَا يَسْقُطُ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَلَوْ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بَذَلَتْ مَالًا لِلزَّوْجِ لِيَجْعَلَ لَهَا مِنْ الْقَسْمِ أَكْثَرَ أَوْ بَذَلَ لَهَا الزَّوْجُ مَالًا لِتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ الْمَالَ لِصَاحِبَتِهَا لِتَجْعَلَ يَوْمَهَا لَهَا فَذَلِكَ كُلُّهُ لَا يَجُوزُ وَيُرَدُّ الْمَالُ إلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَالرِّشْوَةُ حَرَامٌ وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْزِلَ مَاءَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْإِذْنُ إلَى مَوْلَاهَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْأَمَةِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ أَمَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
|